الأربعاء، 17 يونيو 2009

الحدود الجغرافية أصنام هذا العصر

اقدم هذه المقتطفات للتدليل على ان الحدود الجغرافيةهى اصنام هذا العصر والتى تقدس وتعبد من دون الله او على الاقل معه واننى أختلف مع ما جاء بهذه المقالات من القاء اللوم على الغرب فقط فى تقسيم دولنا بدليل ايماننا الجازم بها وتقديسنا لها اكثر من الغرب والذى بدأ فعلا وحدة جغرافية بين دوله وايضا الموجودة فعلا بين ولايات امريكا وهذا يدل على اننا الاكثر تقديسا وعبادة لهذهالحدود

وختاما رأيت أن أقتبس هذه الفقرات عن الحدود لعلاقتها بموضوعنا، من الموقع: http://www.sakifah.com/vb/showthread.php?threadid=3247

37) الحدود: وما أدراك ما الحدود. إنها أصنام هذا القرن، فَـبْـركَهَا (عرّب ضمير الأمّة كلمة fabricate* الإنجليزية هنا لـيـؤكد على الـزّيف والاصطناع الذي يـلـفّ الحدود الجغرافية القائمة في بلاد المســلمين الآن) لحكّام العرب والمســلمين أســيادهم من الإنجليز والفرنسيس ثم الأمريكيين، فصاروا لها عاكفين: يفْــدونها بالأرواح والمُـهـَــج وبأقوات الكادحين. اســتـنــفروا من أجل بقائها الجيوش من كل صــوب، وهدروا الأموال من كل جيب حتى عادوا مديونين لعشــرات الســنين. مَــنْ الــدّائـن؟ الأســياد أنفســهم الذين أقاموا هذه الأصنام، فجــعــلوا منها أســلاكاً شــائكــةً، وأعمدة من البيــتــون بارزةً، وخنادق عميقة، وحواجز ترابية هائلة، واحتفظوا لها بالخرائط المفصّــلة ليظـلّوا هم المحكَّمين في إعادة ترسـيم هذه الحدود بين دول الكرتون كلّما عَـفَـتْ بفعل العوامل الطبيعية، أو بكيد الحكام النواطير لبعضهم البعض.
• لم يســبق للمسلمين أن أعطوْا للفظ "الحدود" أيّ معنى لغوي أو اصطلاحي له أدنى صلة بالمعنى الصَّــنَـمِيّ المعاصر، أي: "علامات وهمية تُـغرز في الرمال وتُـنصــب على الجبال والهضاب وتركّز في بطون الأودية والأنهار بل عبْر البحار لتفصِل بين كِيانين سـياسيين". فقد وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم في تســعة مواضع وفي مواضع عديدة من الحديث بمعنى: "منْـهـيّات الله ومحرّماتـه". أما في اصطلاح الفقهاء فهـي: عقوبة مقدرة تجب حَقّا لله تعالى سُـمّيت به لأنّها تمنع من المعاودة.
• في أواخر القرن الرابع الهجري ضـعُـفَـتْ دولة الخلافة في بغداد، مما أدّى إلى ظهور خلافة مُـفْتــراة في مصر ومثلها في الأندلس. وبالرّغم من هذا التمزّق في قيادة الدولة الإســلامية إلا أنه لم يظهر بين هذه الكيانات أدنى وجود لمفهوم الحدود المعاصر لا في أذهان الحكّام ولا عند جماهير الناس في واقع الحياة، مع أن رؤوس هذه الكيانات الثلاثة كانوا يناصبون بعضهم البعض العداء ويكيد بعضهم لبعض.
• لقد ظـلّــت الدولة الإسلامية، حتى مع وجود ذلك التّمزّق بين الحكام، دولة واحدة في صراعها مع الكفار المحاربين، وظـلـّـت الأرض بينها و بينهم في مـــدٍّ وجزر جغرافيين. وقد اعتاد المسلمون أن يختاروا من الجيش الإســلامي أفراداً من بين الأقوى شــكيمةً والأصلب عوداً، كي يـنـتـدبوهم لأقســى المهمّـات وأكثرها أهمية، ألا وهــي الرّباط في ســبيل اللــه، أي الإقامة الدّائمة في نقاط الـتّمـاس مع أخطر عدوٍّ لأمتنا: الروم ومَنْ وَرِثَـهُـمْ من الأوروبيين الآن. وقد أُطلقت في الفقه الإســلامي وفي الأحكام المتعلقة بالجهاد على نقاط الـتّمـاس تلك لفظة "الثّـغــور".
• قال في القاموس المحيط: الــثّــغــر: ما يلي دار الحرب، وقال الأزهري: أصل الــثّــغــر الكـسْـر والهـدْم، وثَـغَـرْتُ الجدار: هدمْـتـُــه، ومنه قيل للموضع الذي تخاف أن يأتيك العدوّ منه، في جبل أو حصن: ثـَـغْــر، لانــثـــلامـــه وإمكان دخول العدوّ منه.
* If you fabricate information, you invent it in order to deceive people, a formal word.

Pasted from http://www.jazan.org/vb/showthread.php?t=21816
ثالث الحقائق : إن الحديث عن العولمة تزامن مع بروز مجموعة من الظواهر الحياتية والمستجدات الفكرية والتطورات التكنولوجية والعلمية والتي تدفع في اتجاه زيادة ترابط العالم وزيادة تقاربه وانكماشه .
والأمر الذي يعني إلغاء الحدود والفواصل الراهنة القائمة بين الأفراد و المجتمعات والثقافات والدول وزامن ذلك زيادة الوعي بتكوين مجتمع أو عالم بلا حدود .

ثالثاً " مالكون و أنزز" في كتابه ( العولمة ) عرّفها بأنها: كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو من دون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد .
ويقول آخرون : إن العولمة قديمة وموجودة ، فمثلاً : الديانات مثل الإسلام لها نظرة شاملة بلا حدود بين الشعوب والقبائل وهذا من أهم مضامين العولمة
بداية القرن الخامس متزامنة مع التوسع الكنسي وبروز مجموعة من النظريات التي تتحدث عن وحدة العالم البشرية .
Pasted from http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-53-89.htm
ذلك ان العقل يدرك في كينونته ان العالم هذا قائم على العدل والتوازن وليس من خصائصه الظلم والفوضى، فإذا كان هناك فوضى فإنها من حصاد الظلم البشري بحق البشر.فإذن لابد من تحقق العدل والا فان العدالة الإلهية تصبح لغوا وعبثا. ولذلك كانت بعثة الأنبياء وتواتر الرسل وقيام المصلحين من إيجاد مجتمع إنساني واحد يعبد الله عز وجل ويحقق عدالته. وهذا هو هدف الأديان جميعا،
فالإسلام دين عالمي يحمل مقومات بناء المجتمع العالمي، يخاطب الله تعالى رسوله : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .. (وما أرسلناك الا كافة للناس). ولكن هذا الدين الذي أنقذ العالم من فوضى الجاهلية وظلماتها سوف يعود يوما بإذن الله لإنقاذ العالم وقيادة المستضعفين نحو الخلاص كما بشر بذلك القرآن الكريم: (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)
وتتكامل الدولة العالمية بإلغاء الحدود الجغرافية وترفع الحواجز المصطنعة ويصل البشر الى مبتغاهم في حرية العمل والحركة والحياة، يقول فكتور باش: حق كل إنسان بوصفه إنسان في امتلاك حقوق، وهو الذي يخول لكل مواطن دولة ان يدخل أراضي دولة أخرى، وهذا الحق في التجول بحرية على الارض وفي عقد اتفاقيات قانونية مع سائر الناس يقوم حق المواطن العالمي
Pasted from http://www.annabaa.org/nba39-40/imammehdi.htm
يستنتج الإمام المؤلف من قوله تعالى في سورة الحجرات: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات/13]؛ أن الإنسان بفطرته مجبول على حب العولمة والسعي إلى التعولم. وهو بهذا الاستنتاج يريد أن يبين أن العولمة ليست بالأمر المستحدث، وإنما هي فطرية مع خلق الإنسان.
Pasted from

السبت، 13 يونيو 2009

تعريف الوطن لغة واصطلاحا

نرى هنا كيف أن الوطن والمواطنة من صنع وتدبير الانسان لتقسيم الارض والبشرية واحتكار الثروات لصالح مجموعات معينة من البشر وهذا كله ضد دين الله الذى اساسه التوحيد لله متمثلا ذلك فى حياتنا العملية بتوحيد الانسانية والارض وعدم وجود اى فوارق بين الناس اجمعين او حدود جغرافية تفصل بينهم
----------------------------------------------------------------------------------
يمرُّ كثير من النُّخب المثقفة في عالمنا الإسلامي بشقَّيه العربي والعجمي منذ عقود بأزمة فكرية
حادة، وحالة انهزامية واضحة، أمام كثير من المصطلحات الوافدة من العالم الغربي (المتقدِّم تقنياً)، ويتمثل ذلك في قبول تلك المصطلحات، والترويج لها، والدعوة إلى تعميمها لتسود مناخنا الفكري والثقافي، ومهاجمة من يقف في الاتجاه المعاكس، والساكت الذي لا يُظهِر موافقة ومشايعة، ويشاركهم في هذا فئة تنتسب إلى العلم الشرعي، ويزيدون عليهم بمحاولة إضفاء مسحة أو شكل إسلامي على تلك المصطلحات بأساليب غريبة وبعيدة عن أساليب أهل العلم ومجافية لأصول الاستدلال المستقرة لدى العلماء، فيتسوَّلون الدلالات ويستنطقون النصوص باستكراهها ليزرعوا هذه المصطلحات ويستنبتوها في بنية المنظومة الثقافية الإسلامية، يفعلون ذلك مع أكثر المصطلحات القادمة من وراء البحار وكأن دَوْر الإسلام مع هذه المصطلحات الشهادة لها بالسبق والتصديق عليها بالصواب.
منذ عقود طويلة استُقدم كثير من المصطلحات؛ كالاشتراكية والعَلْمانية وتحرير المرأة والرأسمالية والديمقراطية والمعارضة والأحزاب السياسية والليبرالية والدولة المدنية.. وغير ذلك، وقد تبين فساد مدلولات بعض تلك المصطلحات بعد فترة من الزمن رغم الوهج الذي كانت تتمتع به عند ظهورها، وما زالت هناك مصطلحات لها وجود وحضور وتأثير في الواقع رغم عدم صلاحيتها ومخالفتها للشرع المنيف، وقد تعرضتُ في مرات سابقة لمدلولات بعض هذه المصطلحات؛ كالديمقراطية والعَلْمانية والمعارضة والدولة المدنية والمشاركة في البرلمان وغير ذلك، وبيَّنت بعض مخالفاتها للشريعة، وفي هذا المقال نتعرَّض إلى مصطلح المواطنة الذي كثُر تداوله هذه الأيام وأصبح له وجود فاعل وتأثير واضح في القوانين والفكر والثقافة والمجتمع، وإن كان هذا المصطلح بدأ في التعرُّض إلى الاهتزاز فيما يشبه الأزمة، وذلك بفعل تأثيرات العولمة الملغية لتأثيرات الحدود (الجغرافيا) ولخصوصيات المجتمعات (الثقافة والفكر والعادات) والتي تستهدف إلغاء الحاجز الوطني أو كسره.
المواطنة لغةً:
لفظ المواطنة لغةً مأخوذ من مادة «و ط ن»، لكن ليس على المعنى المصطلح عليه، وفي لسان العرب: «الوطن المنزل تقيم به وهو موطن الإنسان ومحله، والجمع أوطان، وأوطان الغنم والبقر: مرابضها وأماكنها التي تأوي إليها... وَطَنَ بالمكان وأوطن: أقام، وأوطنه: اتخذه وطناً، يقال: أوطن فلان أرض كذا وكذا؛ أي: اتخذها محلاً ومسكناً يقيم فيها، والميطان: الموضع الذي يوطن لترسل منه الخيل في السباق، وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : «كان لا يوطن الأماكن»[1]، أي: لا يتخذ لنفسه مجلساً يُعرَف به، والموطن: مفعل منه، ويسمى به المشهد من مشاهد الحرب، وجمعه مواطن، والموطن: المشهد من مشاهد الحرب، وفي التنزيل العزيز: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: ٥٢]»[2]، وفي المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: «الوطن: مكان الإنسان ومقرُّه، ومنه قيل لمربض الغنم: وطن، والجمع أوطان مثل سبب وأسباب، وأوطن الرجل البلد واستوطنه وتوطنه: اتخذه وطناً، والموطن مثل الوطن والجمع مواطن مثل مسجد ومساجد، والموطن أيضاً: المشهد من مشاهد الحرب، ووطَّن نفسه على الأمر توطيناً: مهَّدها لفعله وذلَّلها، وواطنه مواطنة مثل وافقه موافقة وزناً ومعنى».
فالكلمة تدور حول المكان والإقامة فيه، وليست تحمل مدلولاً اصطلاحياً يحمل قيمة تزيد عن معناها اللغوي، ومن هنا يتبين أنه لا دلالة لغوية في كلمة هذه المادة «وطن» على المعاني والدلالات التي أريد لها أن تحملها والتي نعرض لها لاحقاً. وقد حاول بعضهم[3] أن يستخرج عن طريق القياس دلالة لغوية على جواز استعمال لفظ المواطنة بمعنى المعايشــة، ورغــم أن هــذا الاستعــمال لا وجود له في لغة العرب، بل هو محدث؛ فإنه بفرض وجوده أو صــوابه فـإنه لا يدل على المعنى الاصطلاحي الذي يُراد أن يدل عليه لفظ المواطنة.
المواطنة اصطلاحاً:
لكن هذا اللفظ أُريد له أن يحمل بُعْداً فكرياً وأيديولوجياً تُبنى على أساسه التصورات والتصرفات في الوطن الذي يحمل اسم «دولة»؛ ليحلَّ محل الدين في صياغة التصورات والأفكار وإقامة العلاقات؛ خاصة أن هذا المصطلح ارتبطت بدايات ظهوره بتنحية الدين في العالم الغربي النصراني الذي ظهر فيه، وتغليب مفاهيم بديلة تتنكَّر للدين وتعلي من قيمة الجنسية والتراب الوطني والاعتزاز به أكثر من غيره، والانتماء إلى تراثه التاريخي وعاداته وثقافته ولغته، والتي شكَّلت نسيجاً يحيط بالوطن حتى حوَّلته إلى رمز يُوالَى فيه ويُعادَى عليه، ومنه تستنبط القيم والسلوك والعادات، وعلى أساسه تحدد الحقوق والواجبات بعيداً عن الدين أو أي موروث فكري أو ثقافي يعارض هذه الفكرة؛ حيث يعمل على إذابة كل الأفكار والانتماءات العقدية والعرقية.
ورغم أن مصطلح المواطنة لم يوجد على هذه الصـورة أول أمره بل أخذ يتطور وينتقل من مفهوم إلى مفهــوم، بحيــث لا يمكن الوقوف على تعريف جامع له؛ إلا أنه ينظر إلى المواطنة بوجه عام على أنها علاقة قانونية بين الفرد (المواطن)[4] وبين الوطن الذي تمثله الدولة بسلطاتها الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث تنظم القوانين السائدة هذه العلاقة، والتي تقوم على أساس الانتماء لوطن واحد خاضع لنظام سياسي واحد بعيداً عن الارتباط بشيء خارج إطار الوطن؛ سواء كان ديناً أو ثقافةً أو غير ذلك، وهي علاقة اصطناعية وليست علاقة طبيعية، فهي ليست صفة لصيقة بالإنسان بمقتضى إنسانيته، بل هناك طرق لاكتسابها، كما أن الإنسان يمكن أن يفقدها وَفْق شروط وضوابط معينة.
كما أن الأحكام المنظمة لهذه العلاقة قابلة للتغيير انطلاقاً من إمكانية تغيير القوانين التي تضبط حدود تلك العلاقة وتبيِّن الحقوق والواجبات المترتبة عليها.
المواطنة في الموسوعات:
وقد نصَّ كثير من الموسوعات - كدائرة المعارف البريطانية، والموسوعة السياسية لعبد الوهاب الكيالي، وقاموس علم الاجتماع لمحمد عاطف غيث - على أن المواطنة علاقة بين فرد ودولة كما يحدِّدها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من حقوق يتمتع بها وواجبات يلتزم بها، انطلاقاً من انتمائه إلى الوطن الذي يفرض عليه ذلك.
ومن هنا يتبين أن المواطنة أضحت فكرة وتصوراً تنبثق منها الحقوق والواجبات وتتحدد على أساسها الالتزامات، وتحولت بذلك إلى أيديولوجيا يلتف حولها الأفراد في الوطن الواحد على اختلاف لغاتهم ومللهم ونحلهم.
وانطلاقاًً من مبدأ المواطنة يصير جميع الأفراد (المواطنين) في مركز قانوني واحد؛ فما يجوز لفرد يجوز لجميع الأفراد، وما يُمنَع منه فرد يُمنَع منه جميع الأفراد، ومع إيمان المسلمين بوجوب العدل مع الجميع حتى لو كانوا كفاراً محاربين كما نصت على ذلك النصوص الشرعية، لكن النصوص أيضاً اختصت الكفار ساكني دار الإسلام (أهل الذمة) ببعض الأحكام التي يختلفون فيها عن المسلمين، والأخذ بمبدأ المواطنة على النحو المتقدم يعني إهدار تلك الأحكام، وبمقتضى ذلك يجوز لليهودي أو النصراني من ساكني دار الإسلام أن يكون ولياً لأمر المسلمين، وبمثل ذلك يقول كل الذين ينادون بمبدأ المواطنة، وهذا مما يتبين به تعارض مفهوم المواطنة مع الأحكام الشرعية في هذا الباب وأبواب أخرى، ولا شك أن التقيد بالأحكام الشرعية يعني عدم القبول بمبدأ المواطنة أو التقيد به.
المتحدثون بالمواطنة:
والكلام المنقول عن المحتفين بمبدأ المواطنة أو الآخذين به والداعين إليه يؤيد ذلك الكلام المتقدِّم ويؤكده.
يقول د. يحيى الجمل: «بوضوح وبإيجاز شديد؛ يعني مبدأ المواطنة: أن كل مواطن يتساوى مع كل مواطن آخر في الحقوق والواجبات، ما داموا في مراكز قانونية واحدة... إذا صدرت قاعدة قانونية تقول: إنه لا يجوز للمصري غير المسلم أن يتولَّى منصباً معيناً أو ألا يباشر حقاً سياسياً معيناً؛ فإن هذه القاعدة تكون غير دستورية؛ لمخالفتها مبدأ المواطنة... إن حق المواطن بصفته مواطناً أن يدخــل أيَّ حزب شاء، أو أن يلي أيَّ منصب عام تنطبق عليه شروطه؛ لا يرتبط بكونه منتمياً إلى دين معين، أو أنه بغير دين أصلاً. فمن حق المواطن أن يكون مواطناً حتى ولو لم يكن صاحب دين سماوي من الأديان الثلاثة المعروفة»[5].
فهذا القائل يرى أن المواطنة تتيح لكل أحد حتى لو كان ملحداً أو وثنياً أو من عبَّاد الشيطان أن يكون ولياً للأمر في بلاد المسلمين ما دام هو من سكان ذلك الوطن، ومن ثم فله الحق في التمسك بما يراه بل يدعو إليه أيضاً.
ويعدِّد علي خليفة الكواري مقوِّمات الحكم الديمقراطي فيقول: «ثانيها: مبدأ المواطنة الكاملة المتساوية الفاعلة، واعتبار المواطنة - ولا شيء غيرها - مصدر الحقوق ومناط الواجبات دون تمييز. وأبرز مظاهر المواطنة الكاملة هي تساوي الفرص من حيث المنافسة على تولِّي السلطة وتفويض من يتولاها، وكذلك الحق المتساوي فــي الثــروة العامة التي لا يجوز لأيِّ أحد أن يدعي فيها حقاً خاصاً»[6].
فالمواطنة ولا شيء غير المواطنة - عند الكواري - (ديناً كان أو غيره) مصدر الحقوق ومناط الواجبات.
وعلى الدرب نفسه تسير د. منى مكرم عبيد، فبعد أن نقلت عدة تعريفات للمواطنة عقبت على ذلك برأيها في معنى هذه الكلمة وما يترتب على الأخذ بها فقالت: «وبوجه عام يمكن القول: إن المواطنة تعني: العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليهــا مــن حقــوق وواجـبات، وهـو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على أيِّ معايير تحكمية، مثل: الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري»[7].
فهي ترى أن المعايير القائمة على أساس الدين معايير تحكمية، أي: معايير لا تعتمد على المنطق السليم والتفكير الرشيد، بل هي معايير لا تستند إلا إلـى منطق القهر والقوة وفرض الرأي على الآخرين.
عناصر المواطنة:
من هذه النقولات وما يشبهها نجد أن المواطنة عند الآخذين بها تشتمل على عدة عناصر:
1 - علاقة قانونية بين فرد (مواطن) ودول.
2 - أساسها الاشتراك في وطن واحد.
3 - وجود حقوق وواجبات متبادلة بين الفرد والدولة.
4 - الوطن مصدر الحقوق والواجبات ولا شيء غيره.
5 - المساواة بين الأفراد (المواطنين) جميعهم على قاعدة الاشتراك في الوطن.
6 - خضوع الفرد (المواطن) لأنظمة المجتمع والتقيد بها.
7 - استبعاد الدين من هذه العلاقة القانونية استبعاداً مقصوداً.
ويتبيَّن من ذلك أن الدعوة إلى المواطنة هي في حقيقتها دعوة إلى العَلْمانية ولكن بمصطلح جديد.
المواطنة عبر التاريخ:
يُرْجِع بعض الباحثين فكرة المواطنة إلى تاريخ متأخر جداً؛ حيث يربطونها بدولة المدينة عند الإغريق في مدينة أثينا القديمة[8]، ومن اللافت للنظر أن كثيراً من الباحثين الغربيين يُرْجِعون بدايات كل فكرة سياسية أو اجتماعية ذات قيمة لديهم إلى تلك المدينة، وكأنهم يريدون أن يبيِّنوا أن لهم تاريخاً يستندون إليه ويعتمدون عليه، ومن الصعب جداً - في ظل المعلومات المتوفرة عن مدينة أثينا - الحديث عن فكرة المواطنة فيها بمفهومها الحالي أو حتى قريباً منه، وإرجاع فكرة المواطنة إلى هذا التاريخ فيه تجاوز كبير إن لم يكن خطأ فادحاً، مع العلم أن إرجاع هذه الفكرة إلى ذلك التاريخ لا يعني صوابها، لكن من الممكن إرجاع البدايات المؤثرة والتي نتج عنها تطور هذا المفهوم إلى الثورة الفرنسية العَلْمانية عام 1789م وما تلاها. وقد ارتبط مفهوم المواطنة بالتطور السياسي في المجتمع الغربي النصراني حيث انتقل النظام من السلطة المطلقة الممنوحة للحكام بغير ضوابط؛ إلى فكرة العقد الاجتماعي الذي قضى على سلطان الكنيسة، والذي انبنت عليه الدولة الحديثة في ثوبها العَلْماني القومي، وخاصة بعد تهميش الدين في نفوسهم وتحويله إلى مجرد شكليات وطقوس تؤدَّى في زمن محدد ومكـان مــعين، ثم لا يكون لها خارج الوجدان الذاتي أدنى تأثير، والتي انتهت بكثير منهم إلى الإلحاد. وقد كان ابتداع فكرة المواطنة بمنزلة حل للصراع القائم بين أصحاب التعددية العقدية والتعددية العرقية في المجتمع الغربي.
والآن تتعرَّض فكرة المواطنة إلى تحدٍّ كبير ناتج من التحديات التي أوجدتها العولمة المتغولة، حيث يراد إضعاف الهوية الوطنية، وإذابة المجتمعات في النسق الثقافي الغربي (فكراً، واقتصاداً، وسياسة)، وخاصة أمريكا؛ لتكون الدول المستهدفة بمنزلة الحقل أو المنجم الذي يصبُّ مواده الأولية في مصانع الغرب، بينما تُباع مصنوعات الغرب في أسواقهم.
لا دينيةُ مفهومِ المواطنة:
المواطنة - بالنسبة لمن يقولون بها - فكرة إنسانية بحتة، ليس لها أية مرجعية خارج نطاق الإنسان نفسه يمكن أن تُقاس عليها أو تُحاكم من خلالها، وليس لها تعلُّق بالدين، ومن ثم فإن عقول البشر وأهواءهم هي التي تحكم هذه الفكرة وتضع لها المقاييس، وانطلاقاً من هذا فإن الأفكار والعلاقات والقوانين المتعلقة بها تنتقـل من وضع إلى وضع آخــر ومـن طــور إلـى طـــور تبعـاً لــزيـادة علـم الإنـسان أو نقصانه، وتبعاً لحسن خُلقه أو سوئه، وتبعاً لما يراه محقِّقاً لمصالحه، فالمواطنة ليس لها أي مرجعية دينية، وإن حاول بعض الناس إلصاقها بالدين، وقد بيَّنتِ النقولات السابقة وغيرها تعارض فكرة المواطنة مع الدين، كما ظهر هذا التعارض عملياً عند إرادة تعديل الدستور المصري؛ حيث رأى فريق من الناس أن المادة الثانية في الدستور التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع تتعارض تماماً مع مفهوم المواطنة.
إنَّ عدَّ التمسك بالشريعة الإسلامية معارضاً تماماً لمبدأ المواطنة يبين أن المراد بالمواطنة ليس ما يزعمه المروِّجون لها وهو حسن التعامل مع المخالف أو البرُّ به والعدل معه ونحو ذلك من المقولات، بل المراد بها تنحية الشريعة وإبطال العمل بها، وأن يحتكم الناس إلى ما يرونه ويتفقون عليه.
ضيق المواطنة ومحدوديتها:
المواطنة انطلاقاًً من تقيُّدها بالوطن وانحصارها في الأفراد الذين يسكنونه؛ فإن معانيها ودلالاتها تختلف من بلد إلى آخر، وتنحصر في الحدود الجغرافية لكل وطن، فليس لها صفة العموم والشيوع، فالإنسان لا يعامل معاملة (المواطن) ولا يتمتع بحقوق المواطنة إلا داخل حدود دولة يحمل جنسيتها حتى لو عاش أغلب حياته خارج حدود الوطن، بينما الإنسان الذي لا يحمل جنسية دولة ما لا يتمتع بحقوق المواطنة فيها وإن جلس عشرات السنين، أو قضى عمره كله فيها يعطيها من فكره وعقله وجهده.
وأصحاب الفكر الديمقراطي لا يرون معنى حقيقياً للمواطنة إلا في دولة ديمقراطية ليبرالية، كما أن أصحاب الفكر الاشتراكي لا يرون معنى حقيقياً للمواطنة إلا في دولة ديمقراطية اشتراكية.
والمواطنة بالنسبة للمسلمين تمثل دعوة إلى التفرُّق والتشتت والتقوقع، فيكون هناك ولاء من الفرد (المواطن) لوطنه يلتزم بقوانينه ويدافع عنه، ولا يتعدَّى ذلك إلى محيطه الأوسع وأمته المترامية الأطراف؛ لأن المواطنة مرتبطة بأبعاد جغرافية محدودة لتحقيق منافع دنيوية.
وبتبنِّي المواطنة والدعوة إليها تزداد عوامل الانعزال بين أوطان الأمة الواحدة. وانطلاقاً من هذه المواطنة المحشورة في الوطن أفتى بعض المنسوبين للعلم للمسلمين في الجيش الأمريكي - عندما اعتدت أمريكا على أفغانستان - بجواز الاشتراك في مقاتلة المسلمين في أفغانستان، ومن قبل ذلك بعقود في بداية القرن العشرين الميلادي قامت في مصر دعوات مناهضة لاشتراك المصريين في مساعدة إخوانهم الليبيين ضد الاحتلال الإيطالي. فالمواطنة تفرِّق بين أبناء الأمة الواحدة، وتجعل للمشاركين في الوطن المسلم - من أهل الديانات المباينة له - حقوقاً ليست للمسلم من وطن آخر، وهو ما يمثِّل إعلاء لرابطة المواطنة (الوطن) على رابطة الدين (الأمة)، وفي هذا مخالفة صريحة للنصوص الشرعية التي تعلي رابطة الإيمان وتجعلها فوق الروابط جميعها، فهناك روابط كثيــرة تربط بين الأفراد؛ كرابطة الأبوة والبنوة والأخوة والزوجية، والعشيرة والمال والتجارة والمساكن والأوطان، لكن لا ينبغي أن تقدَّم رابطة من تلك الروابط على رابطة الدين وحب الله ورسوله والجهاد في سبيله، قال الله - تعالى -: {قُلْ إن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}v [التوبة: ٤٢].
ونظراً لأن الدين مقدَّم على الأوطان فقد شُرعت الهجرة من الأوطان المحاربة للدين إلى أماكن أخرى يأمن المسلم فيها على نفسه ويتمكَّن من عبادة ربه من غير مضايقات، وتجب الهجرة وترك موطن الآباء والأجداد إذا تعيَّن ذلك طريقاً للحفاظ على الدين.


الأمــــــة وليست المواطنة:
الرابطة التي تربط المسلمين بعضهم ببعض في مشارق الأرض ومغاربها هي رابطة الإيمان المتجسدة في الأمة الواحدة، وليست رابطة المواطنة القائمة على أساس الوطن، فقد دلَّ الكثير من النصوص الشرعية التي تصل دلالتها إلى درجة القطع على أن رابطة الإيمان هي التي تربط بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن كل ما عارض هذه الرابطة فهو مطروح؛ بغضِّ النظر عن الاسم الذي يأخذه؛ سواء كان مواطنة أو وطنية أو غير ذلك. ولفظ الأمة: يحمل العديد من المعاني اللغوية؛ كقولهم للجماعة والقرن من الناس والصِّنف منهم وغَيرهم: أمَّة، وللحين من الزمان: أمَّة، وللرجل المتعبِّد المطيع لله: أمَّة، وللدين والملة والطريقة والمنهاج: أمَّة، فمن ذلك قوله - تعالى - في جماعة الناس: {وَلَـمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [القصص: ٣٢]، وكقوله - تعالى - في الحين من الزمان: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: ٥٤]، وكقوله - تعالى - في الرجل المتعبِّد المطيع لله - تعالى -: {إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْـمُشْرِكِينَ} [النحل: ٠٢١]، وكقوله في الدين والملَّة والطريقة والمنهاج الحق: {إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٩]، وقوله - تعالى -: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ٠١١]، وكقوله في الدِّين والملَّة والطريقة والمنهاج الباطل: {بَلْ قَالُوا إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٢].
ومن هنا يتبيَّن أن لفظ الأمة يحمل معنى دينياً، وهو الجماعة من الناس المجتمعة على دين واحد، بغضِّ النظر عن أية قواسم مشتركة أخرى، فإذا غاب المشترك الإيماني لم تكن جماعة الناس في ميزان الإسلام أمة؛ وإن اشتركت في كثير من الأمور الأصلية أو الفرعية، أو تقاربت منازلهم ومساكنهم، ومتى وُجد المشترك الإيماني الذي يجتمع الناس عليه صارت جماعتهم أمة وإن فقدت بقية القواسم المشتركة، أو تباعدت ديارهم، قال الله - تعالى -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ٣٤١]، وهو خطاب للمسلمين على امتداد الزمان والمكان، ومن هذا المنطلق يكون المسلمون أمة متميزة عن غيرها من الأمم على أساس العقيدة وليس على أساس عرق أو لون أو لغة أو وطن، ففي الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي الأمِّيِّ، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس»[9]. فالضابط في ذلك كله ليس القبيلة وليس اللغة وليس الجنس، وإنما هو الإسلام والإيمان اللذان يشترك فيهما أهل قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم. وقد رتبت تلك الوثيقة النبوية التي كتبها الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند دخوله المدينة الحقوق والواجبات بين المسلمين والمؤمنين، وكان فيما جاء في ذلك: «وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون النــاس»، فالمسلمــون أينمــا وُجــدوا - فـي وطــن واحد أو عدة أوطان - إخوة ترتبط علاقاتهم بالأحكام الشرعية التي تجعل منهم إخوة في جماعة واحدة، يسعى بذمَّتهم أدناهم، يوالي بعضهم بعضاً وينصر بعضهم بعضاً.
المواطنة في تصورات بعض الإسلاميين:
يحاول بعض الإسلاميين إيجاد علاقة تربط بين فكرة المواطنة في معناها الاصطلاحي وبين الإسلام، ويدور كلامهم في ذلك على عدة أمور:
1 - الصحيفة: وهي الصحيفة التي كتبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المسلمين وغيرهم من سكان المدينة وحدَّد فيها أسس العلاقة بينهم. وهؤلاء الإسلاميون اعتمدوا فيما يذهبون على تصورات شكلية بعيدة، وأهملوا الصحيفة نفسها. والمتأمِّل في الصحيفة نفسها أو في كيفية كتابتها يدرك أنه لا علاقة بينها وبين المواطنة، فالصحيفة تجعل الحاكم في كل ما يشتجر بين الناس في المدينة على اختلافهم شرع الله ودينه والذي يمثله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والحقوق الممنوحة أو الواجبات الملزمة إنما أُخذت من هذه الشريعة الغراء، وهذا يناقض المواطنة مناقضة تامة، حيث لا تعويل على الدين فيما يقوم بين الناس المشمولين بعلاقة المواطنة، بل العلاقات والحقوق والواجبات تقرَّر من خلال القوانين السائدة في المجتمع والتي تتعامل مع الإنسان بوصفه أحد أفراد هذا المجتمع دون النظر إلى أية محددات أخرى كالدين ونحوه، كما أن ما جاء في الصحيفة لم يأت عن طريق الاتفاق بين مكونات مجتمع المدينة، بل هي قواعد وأحكام وضعها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، التزم بها هو والمسلمون وألزم غيرهم من السكان بها، بينما القوانين التي تحكم مسألة المواطنة جاءت - كما يصورون - عن الطريق الديمقراطي الذي ينيط بالنواب الممثلين للشعب مهمة التشريع ووضع القوانين وإنشاء الحقوق والواجبات والعلاقات.
2 - الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الشرع والتي تخصُّ الرعية من جانب، وتخص ولاة الأمر من جانب آخر، وتخص الكفار ساكني دار الإسلام من جانب ثالث، فيحمل هذا النفر من الإسلاميين ما تقرر هنا على ما تقرر في فكرة المواطنة، وهذا فيه انتقاص للشرع ووضعه في منزلة أدنى من فكرة المواطنة، فالشرع في تقرير الحقوق والواجبات التي هي لكل أحد من دار الإسلام أميراً كان أو مأموراً؛ مسلماً كان أو كافراً؛ هو أسبق مما جاء في المواطنة بقرون وأكمل، ولا يجوز إهمال الأسبق الأكمل والتعويل على المتأخر الناقص. كما أن مصدر الحقوق والواجبات في الإسلام هو الشرع، بينما مصدرها في المواطنة الاشتراك في وطن واحد، ولا يمكن حمل واحدة على الأخرى حتى لو وجدت بعض الموافقات وذلك للاختلاف الجذري بين مصدر كل من الأمرين، وهذا ليس مجرد مسألة شكلية أو غير ذلك؛ لأن هذا الاختلاف في المصدر يترتب عليه اختلافات جوهرية بين الأمرين، فكون مصدر الحقوق والحريات هو شرع الله - تعالى - فإنه يمنحها حصانة بحيث تكون ثابتة لا يملك أحد تغييرها أو العبث بها ولو اجتمع على ذلك الناس، بينما الأمر في المواطنة على العكس من ذلك حيث يمكن لمجموع من الناس إدخال تعديلات على أحكام هذه العلاقة.
إن محاولة إيجاد مشابهة بين ما عندنا وعند الآخرين، والحصول على شهادة بالحكم على صواب ما عندنا بدليل موافقته لما عند الآخرين؛ تعبِّر عن شعور بالهزيمة والدونية عند من يقومون بذلك.
3 - صرف الأدلة المخالفة لما يذهبون إليه:
يصرف هؤلاء الإسلاميون الأدلــة الدالــة علــى خطــأ ما يذهبون إليه؛ بأنواع من الصوارف هي أقرب إلى التحريف منها إلى التأويل، فتراهم يقولون عن الأدلة المبينة لخطئهم: إنها لم تأت للتعريف أو البيان الذي يستدل به على الأحكام، بل هي وصف للحالة القائمة أو السائدة فــي ذلــك المكان أو الزمان، فلا يؤخذ منها حكم عام، ومن ذلك أن هذه الأدلة تدل على أحكام انتقالية ليست أحكاماً عامة دائمة وهو ما يسمونه بتاريخية الشريعة، أي: أن تلك الأحكام مناسبة لذلك التاريخ الغابر بسبب الأوضاع الدولية التي كانت سائدة وقتها، أما الآن - كما يقولون - فإن الأوضاع الدولية تغيَّرت ولم تعد الأوضاع القديمة مؤثرة، ومن ثم فإن ما بُني عليها - كما يقولون - لم تعد له الآن حاجة.
ولا شك أن هذا القول يمثل قدحاً في كمال الشريعة وعمومها وشمولها لظرفي الزمان والمكان وديمومتها، وهو قول لم يقل به إلا أمثال هؤلاء المعاصرين الخارجين على أصول الاستدلال، وهو مسلك يتبعونه في كل ما لا يقدرون على دفعه من الأدلة، ولا يقدِّمون برهاناً على ذلك سوى الدعوى التي يدعونها وهي ليست برهاناً، كما أنهم يجعلون الشريعة الإسلامية شريعة قاصرة خاصة بزمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما قرب منه، وهذا يعني عملياً نسخ الشريعة وتقـديم الاجتـهادات العصــريــة - على النصوص الشرعية وأقوال الثقات من أهل العلم - التي هي في حقيقتها مجاراة للأفكار والتصورات الوافدة بعد أن يتم تلميعها وطلاؤها بطلاء خدَّاع مزوَّر باسم الإسلام، وبمرور الأيام فإن اصطلاحات الكفار وأفكارهم تتغير وتتبدل حسب ما يتــاح لهــم مــن معــرفــة أو هوى؛ إذ لا ضابط لها غير ذلك، ولأن من اعتقادات الكثيرين منهم أنه لا توجد حقائق مطلقة بل الحقائق نسبية، ومتابعة المسلمين لهم في قبول تلك الاصطلاحات والعمل بها تلقي في وعي المسلمين وحسِّهم عدم عصمة الشريعة وانقطاع عمومها وديمومتها.
4 - حشر بعض الأمور التي لا علاقة لها بالمواطنة ومحاولة الاستدلال بها عليها:
بعض الإسلاميين يجتهد في جمع بعض المسائل الفقهية الفرعية التي يحاول أن يبين دلالتها على المواطنة، وذلك كمن يستدل بإجازة بعض الفقهاء الصدقة على غير المسلم، أو يستدل بحسن معاملة المسلمين للكفار المقيمين في دار الإسلام ونحو ذلك من الأمور؛ كالعدل مع المخالفين وعدم ظلمهم، على اعتماد الإسلام لمبدأ المواطنة، وهذا خلل بيِّن في الفهم والاستدلال؛ فأين دلالة تلك المسائل المقررة شرعاً على المواطنة التي تقدم الولاء للوطن على ما عداه، وتقيم الحقوق والواجبات انطلاقاً من الاشتــراك فــي الوطــن، ولا شيء غير ذلك؟!
5 - الاستفادة مما في المواطنة مــن الخيــر وتجــنب ما فيها من الشر:
يرى هؤلاء الإسلاميون أن في المواطنة جوانب مضيئة وإيجابية، ويعقِّبون على تلك المقولة برغبتهم في الاستفادة مما في هذا المصطلح من تلك الإيجابيات، وفي الوقت نفسه اجتناب واتِّقاء ما فيه من المساوئ والعيــوب، ويــرون أن هــذا لا يعارض الشريعة، بل يمثل روحها في التعامل والاستفادة مما عند الآخرين، ورغم ما قد يظهر في هذا الكلام من التوازن الذي قد ينطلي على كثيــر من النــاس؛ إلا أنه في الحقيقة يحمل في جنباته مخاطر عظيمة؛ لأن هذه الأدوات المعنوية (فكرية - ثقافية) ليست كأدوات التقنية المادية التي يمكن أن يُقال فيها هذا الكلام.
وللجواب عمَّا قد يطــرحه هــذا الكــلام مــن تساؤل: ما الذي يمنع من الأخذ بهذا المصطلح مع تنقيته مما فيه من المساوئ؟ أقول:
1 - هذا المصطلح يتناول قضية مهمة وهي قضية الحقوق والواجبات المتبادلة بين الدولة (السلطة) والرعية، والقول بالأخذ بما في هذا المصطلح من الإيجابيات يتضمن خلو الشريعة من مصطلح يجمع تلك الإيجابيات، ولولا ذلك لم يلجأ إليه من لجأ، وهذا فيه خطورة كبيرة على عقيدة القائلين بهذا الكلام.
2 - يكاد لا يوجد شيء في الدنيا إلا له إيجابيات وسلبيات، (إلا ما كان محرماً لذاته)، ولو اتبعنا هذه الطريقة لأوشك أن نهجر كل مصطلحاتنا الشرعية واستبدال مصطلحات وافدة بها؛ بحجة وجود إيجابيات فيها، فوجود بعض الإيجابيات لا يكفي بمجرده، فإن اجتماع المصالح والمفاسد في الشيء الواحد كثير. قال الله - تعالى -: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْـخَمْرِ وَالْـمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} [البقرة: ٩١٢]، فلم تكن المنافع فيهما مسوغاً لحِلِّ أحدهما، بل هناك شروط لجواز مثل هذا، منها: أن لا يوجد مصطلح خالٍ من السلبيات، وأن تكون الإيجابيات أعظم من السلبيات في الحال والمآل، وأن تكون هناك حاجة حقيقية إلى استعمال ذلك الاصطلاح.
3 - إمكانية تنقية هذا المصطلح من الأمور السيئة التي يتضمنها وَهْمٌ من الأوهام، فالأمور التي يراد تنقيتها منه هي أصله وجوهره، فإذا عُزلت عنه سقط المصطلح ولم يعد ذا معنى، ومن ثم تضيع المنافع التي كانوا يودون تحقيقها من استخدامه، ثم إن هذا المصطلح نشأ في بيئة غير إسلامية لتحقيق أغراض تأباها الشريعة، وقد تسرَّبت مضامين هذه البيئة في كل مسارب المصطلح بحيث لا يمكن التخلص منها، فأصبح المصطلح غير إسلامي قلباً وقالباً، وعند استخدام هذا المصطلح سينصرف الذهن إلى معناه المصطلح عليه؛ لأنه أسبق في الوجود، ولأن بقية السكان من أهل الذمة ومن العَلْمانيين وأشباههم لن يسلِّموا بذلك أو يعوِّلوا عليه.
4 - ليس من المقبول ولا من المعقول أن يترك الإنسان ما هو معتقد سلامته وصحته وخلوَّه من العيوب والمساوئ، والانتقال إلى غيره مما يقر ويعتقد باشتماله على العيوب والمساوئ؛ بزعم إمكانية تنقيته وإصلاحه، إلا أن يكون ضعيف العقل، أو شاكاً في الحقيقة السابقة وإن ادَّعى إيمانه بهــا، أو مُكْرَهاً على ما لا يريده، أو سيِّئ الطوية.
5 - هذه المصطلحات الدخيلة لا تحمل أي شحــنة إيمانية، بل هي كلمات جافة لا يحمل الناس على احترام مضمونها والتقيد بها إلا بمقدار ما يؤملونه من النفع فيها، أو ما يخافونه من العقوبة التي تحل بهم، وذلك بعكس المصطلحات الشرعية المحملة بالشحنات الإيمانية التي تحمل المسلم على الالتزام والتقيــد بهــا تديناً وعبادة حيث لا يخالف مقتضاها وإن كان خالياً.
6 - ترك مصطلحــاتنا إلى غيرهـــا مــن المصطلــحات - بزعم تحقيق بعض الإيجابيات - من شأنه أن يحدث قطيعة فكرية وثقافية بين الأجيال المعاصرة والأجيال السابقة، ومن ثم قطيعة عملية تطبيقية مع الأحكام الشرعية؛ لا سيما أن المصطلحات الحادثة القادمة من الغرب غير ثابتة بل هي في حالة حركــة وتغيُّر لا تكــاد تتوقــف، ومتابعتهــم في ذلك مما يعمق القطيعة ويجعل الأجيال أسرى لتلك المصطلحات.
أخطار
إدماج مفهـــــــوم
المواطنة في النسيج
الثقافــــي للأمة:
إن محاولة إدماج مفهوم المواطنة في النسيج الثقافي والفكري لأجيال المسلمين تنطوي على خطورة كبيرة، ومن ذلك:
1 - إضاعة المفاهيم والأحكام المتعلقة بالولاء والبراء؛ حيث يؤسس الولاء والبراء في المواطنة على أساس الحدود الجغرافية ولا يؤسس على الحقائق الإيمانية.
2 - تشتيت الأمة والتأكيد على انعزال أقطارها والمعاونة على عناية كل فرد بوطنه بقطع النظر عن بقية أوطان المسلمين.
3 - إظهار أن مفهومَيِ الوطن والأمة أمران مترابطان أو متلازمان، ومن ثم فإنه يترتب على ذلك إدخال مفهوم المواطنة أو إدماجه في مفهوم الأمة ويخلع على مفهوم المواطنة الصفات والأحكام التي لمفهوم الأمة.
4 - ضياع المصطلحات الإسلامية وذوبانها في المصطلحات الوافدة من أمم الكفر.
5 - الاعتراف بلسان الحال - وليس بلسان المقال - بسيادة المصطلحات الوافدة، وغلبتها للمصطلحات الإسلامية، وقدرتها على الوفاء بحاجات المسلمين أكثر من مصطلحاتهم الواردة في الكتاب والسنة.
6 - تجذُّر الهزيمة النفسية والثقافية أمام أعداء الأمة والقناعة بمكانة التابع لهم، والرضا بالواقع وضعف الهمة للتغيير.
7 - إيجاد نوع من الشك عند بعض المسلمين؛ إذ يتبين من هذا المسلك أنه لا علاج للمشكلات التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية إلا بمتابعة المجتمعات الكافرة في معالجتها لمشكلاتها، وهو ما يفقدهم الإيمان بصلاحية الشريعة وجدوى اتِّباعها لإصلاح الواقع.
والـمعلــوم الـمقـطــوع بـه لـدى المسلميــن كلهـم أنـه لا صلاح للأمة إلا بما صلح عليه أولها وهو اتِّباع كتاب الله - تعالى - وسنة نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم - .
Pasted from http://www.albayan-magazine.com/bayan-259/bayan-03.htm
وختاما رأيت أن أقتبس هذه الفقرات عن الحدود لعلاقتها بموضوعنا، من الموقع: http://www.sakifah.com/vb/showthread.php?threadid=3247

الاثنين، 8 يونيو 2009

طاغوت العصر الحديث " الدولة "

نماذج من بعض المواقع التى تعبر عن ان الاسلام هو عمليا تحقيق الوحدة الانسانية وان طاغوت العصر الحديث هو الدولة الوطنية بحدودها الجغرافية والتى لم ينزل الله بها سلطان ومع ذلك تعبد من دون الله او على الاقل معه :

الحدود الجغرافية تناقض العولمة
مسألة: الحدود الجغرافية المصطنعة بين بلاد الإسلام من المحرمات الشرعية، بل إن الحدود الجغرافية هي تناقض صريح للعولمة المبتنية على جعل العالم بيتاً واحداً وأسرة واحدة، وإنما تكون هذه الحدود المصطنعة محرمة لأنها توجب تبديد شمل المسلمين وتفريق جمعهم وهي مضادة لوحدتهم التي صرح بها القرآن الحكيم في أكثر من آية وصرحت بها الأحاديث الشريفة العديدة.
قال تعالى: ((إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)) [83].
وقال سبحانه: ((وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)) [84].
ومن هنا جاء التعبير في الروايات عن البلاد الإسلامية بدار الإسلام في قبال دار الشرك او دار الكفر أو دار الحرب، مما يدل على أنه لا حدود جغرافية بين البلاد الإسلامية


Pasted from http://www.alshirazi.com/compilations/patg/awlame/3/4b.htm

تعليق: بالطبع فان دار الاسلام يجب ان لا تكون دولة دينية مقفلة الحدود على الاخر والا تحولت هى الاخرى الى دار شرك اما بالنسبة لدار الحرب فأعتقد انه فى عالمنا المعاصر لم تعد لها وجود نظرا للتقدم التكنولوجى وثورة الاتصالات والفضائيات التى جعلت العالم كقرية صغيرة والتى سهلت وصول الدعوة والكلمة الى كل انحاء المعمورة وفى اعتقادى تسميتها دار الدعوة لهو المصطلح الواقعى والاجدى والمقنع المهم ان تعطى دار الاسلام المثل الحقيقى للاسلام بتحقيق ثوابته العليا " الوحدة والحرية والعدل والمساواة بين جميع الناس بصرف النظر عن موطنه اوعرقه او قبيلته اولونه ...الخ وذلك بالغاء الحدود الجغرافية وتحويلها الى حدود ادارية فقط والغاء ما يسمى التاشيرات والاقامات والجمارك واحتكار الثروات ...الخ من هذه الامور الشركية كما يتضح من هذا المقال بأحد المواقع

آية الحريات الإسلامية
أولاً: آية الحريات الإسلامية: قال الله تعالى وهو يصف مهام رسوله (صلى الله عليه وآله) في بعثته الكريمة: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)(1).
إن الإسلام هو دين الحرية والتحرر، وقد تنعّم المسلمون الأوائل في صدر الإسلام بهذه النعمة الإلهية الكبرى، ولمسوها بقلوبهم وأبدانهم، وتحسّسوا بردها وروحها، بينما اليوم قد كثرت القيود والأغلال بسلب حريات الإسلام عن المسلمين، وقد سلبوها عنهم بالفعل، وأبدلوا مكانها بالضد منها، فعلى المسلمين أن يعملوا لإزاحتها والتخلص منها.
إن الإسلام أعطى كامل الحرية للإنسان، وذلك في غير ما فرضه الله تعالى على الإنسان لحفظ إنسانيته، وتعالي روحه، ورغد عيشه، وسعادة حياته، من فعل الواجبات وترك المحرمات، وما أقلهما بالنسبة إلى الحريات الإسلامية، فانه فيما عدا ذلك جعل الله الإنسان حراً في أن يفعل ما يشاء، وأن يترك ما يشاء.
فأعطاه الحرية في الفكر والعقيدة، والحرية في العمل والاكتساب، فله أن يختار ما يشاء منها ويترك ما يشاء منها، على ما يحب هو ويريد.
كما أعطاه الحرية في طلب العلم ومواصلة الدراسة، وفي الاستفادة من الثروات الطبيعية، والمباحات الأصلية، ومن السفر إلى أي بلد شاء، والإقامة في أي بلد أراد، وفي البناء والعمران، وفي إبداء الرأي في المسائل السياسية، وإعلان انتقاداته بالنسبة إلى الحاكم والرئيس، والقادة والوزراء، وكذلك الحرية في الزراعة والصناعة، وغير ذلك من الحريات الكثيرة التي منحها الإسلام للإنسان في حياته اليومية، بلا حاجة إلى اقتناء جنسية، أو جواز سفر، أو هوية، أو جواز عمل، أو ترخيص بناء، أو ما أشبه ذلك من القيود والأغلال.
كما إن الإسلام أعطى الحرية للفرد، والحزب، والتجمعات السياسية، بأن يبدوا آراءهم، ويعلنوا انتقاداتهم، ويقدّموا أطروحاتهم، في كيفية الحكم وطريقته، وفي نوعية السياسة، وفي منهجية الحكومة، عبر كل وسائل البث والنشر، من صحف ومجلات، وراديو وتلفزيون، وكتب ومقالات، وندوات وتجمعات، وغير ذلك.
وبكلمة واحدة: إن الإسلام يضمن لكل الناس حرياتهم المشروعة الأعم من الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
آية الأمة الواحدة
ثالثاً: آية الأمة الواحدة، قال الله تعالى وهو يبيّن كيف يجب أن يكون المسلمون سياسياً ومن حيث الحكم والتركيبة السياسية: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون)(13).
وهذه الآية الكريمة تعني: إن المسلمين لهم مشتركات كثيرة من أهمها: توحيدهم للخالق وهو الله تبارك وتعالى، وقبولهم نبوة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واعتقادهم بالإسلام والقرآن، والقيامة والمعاد، وهذه المشتركات هي التي تؤكد على أن يكون المسلمون بكل طوائفهم أمة واحدة، ذات بلد واحد، وحكومة واحدة.
فالأمة الواحدة التي يناشدنا بها القرآن الكريم، ويخاطبنا بها الله تعالى، تتطلب وقبل كل شيء أموراً تالية:
رفع الحواجز النفسية
1: إلغاء الضغائن القلبية ورفع الحواجز النفسية، وذلك بأن تطيب نفوس المسلمين بعضهم تجاه البعض الآخر، وأن يرى كل مسلم المسلم الآخر: أخاه في الدين والعقيدة، ونظيره في الخَلق والإنسانية.
إلغاء الحدود الجغرافية
2: إلغاء الحدود الجغرافية المبتدعة، التي أحدثها الغرب في بلاد المسلمين، وقسّمها إلى بلدان صغيرة لا حول لها ولا قوة، ولا شوكة ولاهيبة، حتى يستطيع التغلب عليها، والسيطرة على منابعها وثرواتها، وقد فعل الغرب ونجح في مخططه هذا، وسيطر وتغلب، وسلب ونهب، وإلا فأين الذهب الأسود والذهب الأحمر الذي هو ملك المسلمين، والمسلمون يموتون جوعاً، ويكابدون الفقر والحرمان، والجهل والمرض.
رفض الجواز والجنسية
3: إلغاء ما يرتبط بالحدود الجغرافية من تبعات، ورفض مثل جواز السفر، والجنسية، والهوية، وضرائب الدخول والخروج من البلد، والجمارك والمكوس، وغير ذلك مما قد ابتلي به المسلمون وللأسف الشديد منذ ستين عاماً وحتى هذا اليوم، علماً بأن كل ذلك مما أوجده الغرب لعرقلة تقدم المسلمين وصدّهم عن تعاليهم، وليس لشيء من ذلك أية شرعية في الإسلام.
بل إن الإسلام يرى الأمة الإسلامية أمة واحدة، ويرى كل أمر يفرق صفوف المسلمين، ويمسّ وحدتهم، ويهدد اتحادهم وكيانهم، أمراً محرّماً أشد الحرمة، ومرفوضاً رفضاً باتاً، وعلى المسلمين أن يرفضوه بكل صراحة وقاطعية.
وعليه: فيلزم أن لا تكون هناك حواجز نفسية بين المسلمين، ولاحدود جغرافية بين بلادهم، ولا جواز ولا جنسية، ولا تأشيرة دخول وخروج، ولا رسوم ولا ضرائب، ولا جمارك ولا مكوس، فيما بينهم، وعليهم إلغاؤها جميعاً كما ألغى الغرب ذلك أخيراً بين بلادهم، وحذفوا تأشيرات الدخول والخروج، ورسوم الجمارك والمكوس وما إليها فيما بينهم نسبياً.
هذا وقد كان ذلك كله في الإسلام، فان البلاد الإسلامية على وسعتها كانت بلدة واحدة، ذات حكومة مركزية واحدة، حتى جاء الغرب ففرّقهم أيادي سبا، ومزّقهم بسبب هذه الحدود الجغرافية، وزرع الحواجز النفسية في نفوسهم أيّما تمزيق.
قانون حيازة المباحات
ومن تلك القوانين الإسلامية التي يجب اعادتها إلى التطبيق الخارجي، والتنفيذ العملي في حياة المسلمين: هو قانون حيازة المباحات، وقانون الاستفادة بحرية من المنابع الطبيعية، من البحار، والغابات، والأرض.
فكما ان لكل إنسان الحق في أن يستفاد من الهواء والماء، فكذلك لكل إنسان الحق في أن يستفاد بقدر لا يضر حق الآخرين من البحار بصيد السمك، ومن الغابات بأخذ ما يحتاجه منها، ومن الأرض بحيازة ما يستطيع من عمرانها، سواء عمرها بالزراعة أو بالغرس، أو بالبناء أو بالمشاريع الانتفاعية أو الخيرية، فان هناك بالنسبة إلى حيازة الأرض قانون شرعي يقول: (الأرض لله ولمن عمّرها)(16) وبالنسبة إلى المباحات الأخرى قانون شرعي يقول: (خلق لكم ما في الأرض جميعاً)(17).
فالاستفادة من الأرض ومن سائر المباحات جائزة لكل إنسان ضمن حدود نظيفة ونزيهة، وذلك بأن يحوز منها بمقدار لا يتعدى فيه على حقوق الآخرين، فلا يتملك منها ما هو أكثر من قابليته، ولا ما يوجب ضياع حق غيره، كما قال تعالى: (خلق لكم)(18) يعني: للجميع، على نحو العدل والقسط

Pasted from http://www.alshirazi.com/compilations/history/ashora_quran/2.htm


تعليق : طبعا ليس الغرب هو المسئول او على الاقل ليس المسئول الوحيد عن فرقة ما سماهم المسلمين فلا يصح ان يطلق اسم المسلمين على اى مجموعة بشرية ما لم تحقق النقاط التى ذكرها الكاتبابتداءا وبالتالى فالمسئولية الرئيسية تقع عليهم اولا لانه لا صفة لهم بالاسلام ما لم يتحقق بينهم ما ذكر بالمقال والتى هى الشروط الاساسية للاسلام وشهادة التوحيد"لا اله الا الله" بالاضافة لعدم التفريق بين الرسل بما يعنى ان اصحاب الشرائع الاخرى تكون مسلمة بتحقيق هذه النقاط والشروط

الجمعة، 5 يونيو 2009

هل انا مسلم

مقدمة : تعريف الدين
لقد كثرت التعريفات للدين قديما وحديثا ويمكن الرجوع اليها فى مواقع اسلامية ودينية كثيرة وفى اعتقادى البسيط ان الدين هو التزام اجبارى او اختيارى او الاثنين معا بين طرفين احدهما مسيطر قادر قاهر معطى وهاب والطرف الاخر خاضع ملتزم مطيع
من هنا نجد ان هناك اديان كثيرة متعددة فيها اطراف كثيرة مسيطرة واخرى خاضعة منها دين واحد فقط هو الحق هو دين الله الواحد الاحد الخالق البارئ المصور خالق الارض والسموات والكون كله و مافيه والذى لم يدعى احد ولن يستطيع احد ان يدعى انه خالق هذه الاشياء كلها ولم ولن يدعى احد انه شريك مع الله جل جلاله فى خلقها
تعريف الاسلام
من ذلك نجد ان دين الله الحق هو الاسلام وهو دين الفطرة التى فطر الناس عليها من لدن ادم الى محمد عليهم جميعا السلام ,والاسلام هو دين التوحيد لله بدون اشراك اى شئ معه فى العبادة والسلوك والعمل
فمن اول الاشياء الاساسية والملزمة للدخول فى الاسلام هو الكفر بكل الطواغيت ومن اهمها فى عصرنا الحالى هى طواغيت الهوى"حب النفس" دون الإكتراث بمصلحة الآخرين– الاسرة –العائلة – القبيلة – الطائفة العنصرية – الدولة الوطنية وحدودها الجغرافية وهذا هو أكبر واعظم طاغوت عرفته البشرية حتى الان فبسببه قامت وستقوم الحروب الطاحنة على الحدود الجغرافية وعلى مناطق الثروات الطبيعية وبسببه تحول الناس "الشعوب" الى قطعان من الحيوانات وكأن الدولة بأسوارها من الاسلاك الشائكة والحراس كحظائر لهم لا يتحركون منها او اليها " دخولا وخروجا الا باذن اصحابها " ملوك ورؤساء وحكومات مستبدة" ولتحقيق ذلك اخترعوا أصناما هم عليها عاكفون مثل جوازات السفر والتأشيرات والاقامات والكفيل والكروت الصفراء والخضراء ...الخ مما لم يأمر به الله والذى عنده دليل على ان الله شرع شئ من ذلك فليأتى به
فالمسلم لا يعمل لمصلحته فقط ولالمصلحته وأسرته فقط ولا لمصلحته وأسرته وعائلته فقط ولا لمصلحته وأسرته وعائلته وطائفته فقط ولا لمصلحة هؤلاء كلهم ودولته الوطنية فقط – المسلم فقط واقول فقط هو من يعمل لمصلحة الانسانية كلها لافرق فى الحقوق والواجبات بين انسان واخر مهما كان لونه او لغته او ثقافته " شعبه" والمسلم ايضا هو من يعتقد ويعمل على عدم احتكار ثروات الارض الطبيعية لصالح اى مجموعة بشرية معينة والتى جعلها الله سواء للسائلين
ليس فى الاسلام جمارك ولاقيود على انتقال الثروات والاموال
ليس فى الاسلام قيد على حرية الناس فى الانتقال والاقامة والعمل فى اى مكان على ارض الله المالك الحقيقى لها وما عليها
ليس فى الاسلام حدود جغرافية مصنوعة من اسلاك شائكة واسواروخلافه ولكن حدود ادارية فقط كالحدود بين الاقاليم فيما يسمى الدولة الوطنية
ليس فى الاسلام جهاد للسيطرة على ارض او بشر ولكن جهاد لتحقيق الحرية الكاملة للناس وتحقيق الوحدة الانسانية وايضا المساواة والعدل بين البشر جميعا واسمى الجهاد هو جهاد النفس ضد سيطرة هذه الطواغيت عليها
وللبرهان العملى على ما أقول اتحدى اى شعب فى اى دولة وطنية ان يقسم اقاليم الدولة الوطنية بأسوار وأسلاك شائكة ويحرر جواز سفر لكل اقليم لا يتم الانتقال الا به بين اقاليم الدولة بعد اخذ التاشيرات اللازمة مع الاقامات لكل شخص يدخل من اقليم لاخر مع عمل منافذ جمركية وخلافه ..........
طبعا لايمكن ان يتم ذلك حفاظا على وحدة الدولة وهذا هو التوحيد الحقيقى الذى يشهد به اغلب البشر حاليا ويدعون انهم لا يعبدون شريكا مع الله واذا كان اى فرد لا يرضى ذلك على ما يسمى دولته الوطنية –فلماذا يرضى ويؤمن ويقر بذلك بين شعوب الارض والناس والذين خلقهم الله احرارا- وجعلهم شعوبا وقبائل لهدف واحد هو التعارف - ويؤمن بتقسيم ارض الله بأسوار واسلاك شائكة" الحدود الجغرافية " ثم يدعى انه يوحد الله وانه مسلم فالتوحيد لله لايتحقق الا بالايمان بالوحدة الانسانية والعمل الدائم والمستمر على تحقيقها فى اطار ثوابت الاسلام العليا " الحرية – المساواة – العدل" وهذا كله لا يتعارض مع احتفاظ كل شعب بثقافته وتقاليده الخاصة والتى لا تضر الشعوب الاخرى
من هذا المنطلق اطلب من كل منا ان يوجه لنفسه هذا السؤال " هل أنا مسلم؟"
فإذا آمنت بذلك وأصبحت مسلما اختار أحد الشرائع السماوية وقم بالعبادات الواجبة لله حسب التعليمات الالاهية فى اى من هذه الشرائع " صلاة-صوم –زكاة حج ...الخ مع الايمان الكامل بكل رسل الله وبالكتب السماوية التى ارسلهم بها وبذلك يكون الفرد مسلما مهما اختلفت الشريعة التى يعبد الله بها