الأحد، 3 أكتوبر 2010

انظروا كيف يضحك المتمسلمين على انفسهم




انظروا كيف يضحك المتمسلمين على انفسهم ويطلقون صفة الاسلام عليهم يا سادة لا اسلام بدون وحدة انسانية عملية اى ان تحقيق الوحدة عمليا هو البرهان العملى على اننا مسلمين والا لا يجب اطلاق صفة الاسلام على كل هذه الدول الوطنية المتناحرة التى ارتضت الدولة الوطنية دينا لها -ولم لا وهو المعبود الحقيقى لهم بدليل الموت من اجل ترابها المقدس من دون الله وحدودها المصطنعة التى قسمت ارض الله الى هذه السجون لنا وجعلنا الوحدة مجرد شعارات نتشدق بها فى المناسبات ليس الا


الوحدة الإسلامية عند الإمام الخميني

تعتبر قضية الوحدة الإسلامية من أبرز الهموم والقضايا التي شغلت بال الإمام الخميني قدس سره والقادة المخلصين، وهو موضوع يرتدي أهمية خاصة في الظروف التي نعيشها اليوم نظراً لما يتعلق بها من تداعيات تمس أحوال الأمة الإسلامية التي تواجه عاصفة من التحديات، تبدأ في فلسطين وتمر في أفغانستان وقد لا تنتهي في العراق، خصوصاً أن الهجمة الأمريكية الإسرائيلية هجمة مستمرة على المنطقة ودولها وشعوبها وثرواتها وفكرها وهويتها.

مفهوم الوحدة

لا بد من مرور سريع على ما تعنيه الوحدة الإسلامية كمصطلح، فالوحدة الإسلامية تعني اجتماع المسلمين في إطار سياسي جامع، تتوحد فيه همومهم وقضاياهم وآمالهم وتطلعاتهم وأهدافهم، ويرتكز هذا الإطار السياسي إلى كونهم "أمة واحدة" يتظللون راية واحدة هي راية التوحيد، راية القرآن .. وتوحدهم قيادة شرعية إسلامية تمثل الولاية والخلافة تتكفل بإدارة شؤونهم ومصالحهم.

أما مقومات هذه الوحدة فهو الإسلام كدين للتوحيد والأخوة الإيمانية، التي تربط المسلمين بعضهم ببعض،وتجعلهم أمة واحدة تجسد قول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾الأنبياء/ 92 .

إذاً المقصود بالوحدة الإسلامية هي الوحدة السياسية بين المسلمين، التي تنتج عنها توحيد إدارة شؤونهم في جميع مجالات


23



وساحات الحياة الاقتصادية والعسكرية والثقافية والاجتماعية، بحيث لا تفرقهم الجنسيات والقوميات والعصبيات والمصالح الذاتية والأهواء والنزوات والقبليات.

وليس المقصود دمج المذاهب الإسلامية في مذهب فكري فقهي واحد، بل حصر هذا الاختلاف الفقهي في دوائره الفكرية والاجتهادية والتعبدية، والالتقاء حول القواسم المشتركة لمصالح المسلمين وشؤون حياتهم العامة، ومواجهتهم للتحديات الكبرى كأمة موحدة.

رؤية الإمام الخميني للوحدة الإسلامية

يرى الإمام بأن "الدعوة إلى الإسلام في الأساس هي دعوة إلى الوحدة" و"لقد نزل الإسلام ليوحد جميع شعوب العالم من عرب وعجم وترك وفرس وغيرهم، وليقيم في هذا العالم أمة عظيمة هي الأمة الإسلامية" والقول للإمام، وعليه يصبح تلاقي القوميات والأعراق تحت راية الإسلام تلبية لدعوة التوحيد، وتأسيساً لقيام تلك الأمة العظيمة.

ويرى الإمام بأن "الوحدة واجب على جميع المسلمين" وهنا تصبح مخالفة ومعارضة الوحدة بين المسلمين هي مخالفة للدعوة إلى الإسلام، وبالتالي فهي انحراف عن نهج الإسلام وزيغ عن أهم الأهداف التي جاء بها التوحيد وعمل من أجلها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

دراسات: توحيد التاريخ ومناهضة الماضي سبيلنا الى الوحدة الإنسانية




دراسات: توحيد التاريخ ومناهضة الماضي سبيلنا الى الوحدة الإنسانية




باسم محمد حبيب :-
دائما يعرف التاريخ بانه سجل الماضي وعبقه واصل الحاضر او مصدره وهو كما يصف ابن خلدون في مقدمته (فن عزيز المذهب جم الفوائد شريف الغاية) لانه يعرض اخبارا مفيدة واحداثا مثيرة نجعلها عبرة والهاما لنا في حاضرنا ومستقبلنا ولان (الماضي هو بعد دائم من ابعاد الوعي البشري) كما يرى (هوبزبوم).

اذن من الضروري ان ندرسه بتمعن وان نجعله مقوما لوعينا ومرسخا لحسنا الانساني وهذا لن يتم بدون اعتماد منهج يتيح تحقيق هذه الغاية لان الكثير من المشاكل والخلافات نتجت حسب ما نعتقد من المناهج المخصصة لتدريس التاريخ التي تثير الانفعال لدى الدارسين لاسيما هي مناهج مشبعة بالحماسة والفخر والاعتزاز الذاتي الذي يثير عادة التشنجات والحزازات بين الشعوب اي انها مناهج لم تكتب بطريقة علمية موضوعية كما هو مفروض انما تدخلت الفئوية والايديولوجية في كتابتها بغض النظر عن طبيعة هذه الايديولوجية يقول ويلز (كل ما يفعله الناس والامم هو نتيجة للتعديلات الغريزية التي تتكون كردود فعل للافكار التي ادخلتها اقوال الصحف والكتب ومعلمو المدارس.. في نفوس الناس) ومن ثم يمكننا بفعل التاريخ صنع شعب مؤدلج او متحرر من اي ايديولوجية لان التاريخ لا يملك معنى بذاته بل نحن الذين نضفي على حركته المعنى الذي نريد يقول فريدريك نيتشه (التاريخ ليس عمل العقل انه مليء بالعوارض واللامعقولات وما لا يفهم الى اي حد يكون التاريخ شرسا ومجردا من المعنى لا يمكن ان يفهم ابدا الوضع الذي يعطي التاريخ معناه) لكن مهمة المؤرخ ليس اضفاء غموض على غموض من خلال تجريد التاريخ من اي معنى انما العكس من ذلك تماما محاولة ايجاد معنى له او خلق هذا المعنى باي شكل كان ومع ان هذا المعنى يتحمل ان يكون ذا تأثير سلبي او ايجابي يتطلب الامر بذل جهود حثيثة لجعل تأثيره ايجابيا قدر ما يمكن لانه بخلاف ذلك لن يكون مفيدا او ضروريا يقول شارل رنوفييه (ان التقدم يجب ان يراد وان يحقق من قبل كل فرد) وايضا كل دولة او شعب لان النجاح لن يكون ممكنا بدون توجيه يحث الجميع عليه وكما ان قدر البشرية هو التوحد لانه الضمانة الوحيدة لابقائها موجودة وحيه فان امامنا سبيلين لتحقيق ذلك (الاول) بنكران الماضي واهماله والتأكيد على الحاضر والمستقبل و(الثاني) بتوحيد منهج التاريخ لعموم البشرية وبالطبع لابد ان ندرك ان تحقيق ذلك ليس بالامر اليسير الا انه في الواقع ممكن بشرط الحصول على قبول عالمي به لان التاريخ ليس ملكا لفرد او شعب بل ملك الجميع على حد سواء ومن ثم اذا وقف التاريخ عائقا امام الوحدة الانسانية سيكون لزاما علينا التضحية به او على الاقل جعله مقيدا بخدمة البشرية يقول كونفشيوس ((من يكن طيبا حقا لا يمكن ابدا ان يكون تعيسا ومن يكن حكيما لا يقع ابدا في الاضطراب)) ولذلك بامكاننا تدريس التاريخ وفق هذه الاسس لنخرج بنتائج جيدة كما تنبأ كونفشيوس.
لكن نكران الماضي او اهماله لا يتحقق بسهولة وان قررنا ذلك رسميا لان الماضي مزروع في نفوس الناس ولعله يعيش معهم لذلك نحن بحاجة الى جهد اجيال حتى نستطيع ان نقطف ثمرات ما نفعل ولو بشكل نسبي على ان ذلك في نظرنا يستحق هذا الجهد لاننا موقنين بان معظم المشاكل التي نعاني منها سواء كانت دينية او عرقية او طائفية هي نتاج التاريخ وان معظم الدماء التي اريقت او تراق الان هي بسبب هذه المناهج التي تفسر التاريخ وفق الايديولوجيات حتى كأن الطرح الذي يقول ((ان الامم السعيدة هي الامم التي ليس لها تاريخ)) صحيح تماما بدليل اننا نلاحظ انسجاما واضحا لدى الشعوب الكوزبوليتارية للعالم الجديد لانهم تخلصوا من اثر التاريخ واستعاضوا عنه باثر المصلحة والمنفعة المشتركة بعكس ذلك نجد الشعوب في المناطق القديمة مثل الشرق الاوسط في حال صراع ومواجهة مستديمة ولعل معظم الحروب التي شهدها العالم حصلت في هذه المنطقة المضطربة من العالم وهي ما زالت حبلى بمشاكل وصراعات لا يعلم الا الله مداها وكل ذلك بسبب فاعلية الماضي وتأثيره المستمر في وجدان الناس ونفوسهم وهو ما يدعونا الى اتخاذ موقف جريء من هذا الماضي ليس بتجاهله وحسب بل ونسفه ايضا اذا لزم الامر لكن هذا الامر لا يتطلب مجرد قرار وحسب لان المشكلة ليست شكلية انما لابد من العمل على خلق ثقافة مناهضة للماضي حتى نستطيع انجاح مسعانا هذا مدركين مع (هوبزبوم) (ان الطرق المعول عليها لتحقيق ذلك قليلة او قاصرة) والامر يحتاج الى اكثر من مجرد الرغبة او العمل الميداني البسيط لكن مع ذلك هو يؤكد ايضا على ان تعرض المجتمع الى تغيير ما سواء كان هذا التغيير قسريا من الداخل او خارجيا يمكن في حدود معينة في كسر المعيار الداعم لتأثير الماضي مع ان ذلك لن يكون نهاية المطاف لان الماضي قد يعود ليؤثر في نفوس الناس من جديد اللهم الا اذا تسارع التغيير ليحول المجتمع بسرعة الى ما وراء نقطة المعيار او يغدو حالة لازمة في المجتمع ومهما يكن الامر فاننا بحاجة الى اي جهد يحقق لنا هذا المسعى خدمة لحاضرنا ومستقبلنا.
اما انشاء منهج للتاريخ يدرس لعموم البشرية قد يكون اجدى الا انه يستوجب صدور قرار عالمي يلزم جميع الدول به وهذا الامر قد يواجه ببعض التحفظ او الرفض من هذا الطرف او ذاك لاسباب وجدانية الا ان فرضه ليس صعبا على اي حال لاسيما اذا استخدمت معه وسائل الضغط المعروفة او تقديم بعض المغريات ولو تحقق هذا الهدف باي جهد نبذله سنكون سعداء باننا امنا للبشرية مستقبل افضل لان تدريس نفس المادة في كل بلدان العالم لن يكون له صدى تضامني وحسب انما ويدفع نحو بناء الحاضر او المستقبل بعيدا عن تأثيرات الماضي وهيمنته بما في ذلك المساعدة على اشاعة جو من التعاون بين شعوب الارض وافشاء السلام بينهم وستشهد البشرية سيادة نزعة واحدة هي النزعة الانسانية التي تستمد حضورها ليس من النداءات والمبادرات الشخصية كما هو حاصل الان بل من منهج عام يدرسه جميع البشر في جميع انحاء العالم تختفي فيه الفروق لصالح الوحدة الانسانية.

بحث يبين كيف يعترف المتمسلمون بالوحدة الانسانية

بحث يبين كيف يعترف المتمسلمون بالوحدة الانسانيةكأساس للدين وهم ابعد ما يكون عن تطبيقها بل يقدسون الوطن والوطنية واسالهم اين المساواة والعدل فى الاستفادة من ثروات الارض الطبيعية التى جعلها الله فى الارض سواء للسائلين-هل يستفيد الصومالى مثل السعودى من ثروات البترول -اين حرية السعى فى ارض الله مع نظام الكفيل وتأشيرات الدخول والخروج والاقامات ..الخ من هذه العوائق من اختراع طاغوت العصر الحديث "الدولة الوطنية" ما موقفكم من الحدود الجغرافية المزعومة بين ما يسمى الدول هل انزلها الله فى كتبه المقدسه ومن يدعى ذلك فاليدلنى عليه
انتم تؤمنون بالوحدة الانسانية كلاما وشعارا ليس الا بدليل عدم الدعوة بان عدم تطبيقها يخرج الانسان فورا من الدين مهما ادعى ذلك بل يخرجه من انسانيته الى شئ اخر "اى كائن غير بشرى ينتمى الى قبيلة الحيوانات التى تعيش بشريعة الغاب التى هى اهون فى نظرى من الشرائع والقوانين بين ما يسمى الدول الوطنية واليكم البحث

الحضارات والثقافات الإنسانية : من الحوار إلى التحالف
وقائع الندوة الدولية التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ
بالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في الجمهورية التونسية
تونس 30/1 ـــ 1/2/2006م



الفهرس
الحوار بين الأديان والتعاون بين الشعوب
الأستاذ محمد السماك(*)



يقول الإسلام بوحدة الإنسانية وبتنوعها، ويرسي أسساً ومبادئ لاحترام التنوّع والتعدد الإثني والثقافي والديني بحيث تشكل هذه الأسس والمبادئ جوهر العقيدة الإسلامية، لا يكتمل إيمان المسلم بل لا يكون أساساً من دونها.

وفي القرآن الكريم عدد كبير من الآيات الكريمة التي تؤكد ذلك. فالله سبحانه وتعالى كرم بني آدم، أي أن الكرامة الإلهية للإنسان تشمل الناس جميعاً وليست وقفاً على مؤمن دون آخر، أو على المؤمنين دون سواهم.

ثم إن الله سبحانه استخلف الإنسان في الأرض ولم يستخلف أمة دون أخرى.

والله سبحانه خلق الناس جميعاً من نفس واحدة تأكيداً للمساواة بينهم ثم جعلهم أمماً وشعوباً متعددة الألسن، مختلفة الألوان والأجناس، متنوعة الشرائع، ولو شاء غير ذلك فإنما يقول له كن فيكون.

تفصيلاً لهذه القواعد الكلية، سوف أقتطف ثلاث آيات كريمة من بين العشرات من القرآن الكريم.

تقول الآية الأولى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم }(1).

تكشف هذه الآية الكريمة عن ثلاث قواعد :

القاعدة الأولى هي الوحدة الإنسانية بمعنى أن الناس جميعاً يشكلون أمة واحدة خلقهم الله من نفس واحدة. ولقد قال القرآن الكريم : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى }.

القاعدة الثانية هي التنوع الإنساني حيث تتابع الآية الكريمة { وجعلناكم شعوباً وقبائل }. أي أن هذا التنوع جُعل بإرادة إلهية، وأن وجوده هو تجسيد لهذه الإرادة الإلهية وتعبير عنها.

القاعدة الثالثة هي أن الهدف من هذا التنوع هو التعارف بين الناس تحقيقاً لوحدة تحفظ التنوع وتحترمه وتصونه، حيث تكتمل الآية القرآنية بتحديد الحكمة من التنوع بقولها { لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم }.

فالتعارف هو الجسر الذي يربط بين الجماعات المتنوعة والمختلفة ولكن لا تعارف من دون معرفة. ذلك أن التعارف يقوم أساساً على المعرفة. ويفترض في الآخر أن يكون مختلفاً حتى نتعرف إليه. ويفترض أن نكون نحن مختلفين عنه حتى يتعرف إلينا. ومن دون هذا الاختلاف ما كانت هناك حاجة للمعرفة وما كان للتعارف أساساً أن يكون. من هنا فإن الدعوة القرآنية للناس ليتعارفوا هي في حد ذاتها دعوة لهم للتعرف على ما بينهم من اختلافات وللاعتراف بهذه الاختلافات، ولإدراك حتمية استمرارها، ولبناء مجتمع إنساني واحد ومتناغم على قاعدة معرفة المختلفين وتعارفهم.

كثيرة هي الإشارات إلى الاختلاف والتنوع التي وردت في القرآن الكريم أذكر منها :

{ وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا }(2).

{ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين }(3).

{ ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير }(4).

لقد شاءت الحكمة الإلهية أن يكون الناس رغم وحدة الخالق، ووحدة الخلق أمماً وشعوباً مختلفة، فالوحدة الإنسانية تقوم على الاختلاف والتنوع وليس على التماثل والتطابق، ذلك أن الاختلاف آية من آيات عظمة الله ومظهر من مظاهر روعة إبداعه في الخلق.

يقول القرآن الكريم : { ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين }(5). وبالتالي فإن الاختلاف العرقي لا يشكل قاعدة لأفضلية ولا لدونية، فهو اختلاف في إطار الأسرة الإنسانية الواحدة، يحتم احترام الآخر كما هو وعلى الصورة التي خلقه الله عليها.

إذا كان احترام الآخر كما هو لوناً ولساناً (أي إثنياً وثقافياً) يشكل قاعدة ثابتة من قواعد السلوك الديني في الإسلام، فإن احترامه كما هو عقيدة وإيماناً هو إقرار بمبدأ تعدد الشرائع السماوية واحترام لمبدأ حرية الاختيار والتزام بقاعدة عدم الإكراه في الدين.

فالقرآن الكريم يقول : { لكل وجهة هو موليها }(6). وفي إشارة واضحة إلى تعدد التوجهات يقول أيضاً : { وما بعضهم بتابع قبلة بعض }(7).

{ لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم }(8).

{ كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون }(9).

معنى ذلك أنه مع اختلاف الألسن والألوان، كان من طبيعة رحمة الله اختلاف الشرائع والمناهج، وهو ما أكدّه القرآن الكريم بقوله : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء اللّه لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم، فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون }(10).

فالاختلاف الثقافي والعرقي والديني والمذهبي باق حتى قيام الساعة، والحكم فيه يومئذ لله والتعامل مع بقائه لا يكون بإلغائه ولا بتجاهله بل بالتعرف إليه وتقبله واحترامه كسنة دائمة من سنن الكون.

في الأساس الحق واحد كما يقول أبو الوليد الباجي في كتاب أحكام الفصول في أحكام الأصول >وإن من حكم بغيره فقد حكم بغير الحق، ولكننا لم نكلف إصابته، وإنما كلفنا الاجتهاد في طلبه، فمن لم يجتهد في طلبه فقد أثم، ومن اجتهد فأصابه فقد أجر أجرين أجر الاجتهاد وأجر الإصابة للحق، ومن اجتهد فأخطأ فقد أجر أجراً واحداً لاجتهاده ولم يأثم لخطئه<.

هذا يعني أن الاجتهاد كعمل فكري إنساني مفتوح على الصواب والخطأ، وبالتالي فإنه ليس مقدساً، وإنه ليس لأحد حق احتكار الصواب بالمطلق. فمن أبرز صفات السماحة الإسلامية أن المفكر أو المجتهد المخطئ لا يؤثم على خطئه، بل يؤجر على اجتهاده حتى إذا أصاب يؤجر ثانية لإصابته الحق. من هنا قول أبي حنيفة : >رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب<. إن الاعتقاد بأن جماعة ما هي وحدها التي تفهم النص الديني فهماً صحيحاً، وبالتالي فإن هذه الجماعة هي وحدها المؤتمنة على الدين، وأن كل من هو خارج الالتزام بمفهومها هو خارج على الدين، هذا الاعتقاد يتناقض في الجوهر وفي الأساس مع الدين كمعطى إلهي، ويتناقض مع الموروث الفكري الديني كمعطى ثقافي واجتهادي والذي يشكل ثروة فكرية لسلسلة غنية من التجارب الإنسانية في الفهم الإنساني للنص الإلهي المقدس. يرسي الإسلام قواعد لعلاقة الإنسان بنفسه، ولعلاقته بأخيه الإنسان >سواء كان مؤمناً أو غير مؤمن< ولعلاقته بمجتمعه ولعلاقته بربه. هذه القواعد الكلية تشمل قضايا وأموراً حياتية تتغير بتغير الأزمان والمجتمعات، ولذلك فإن الحكمة الإلهية قضت بصياغة النصوص الدينية بحيث تترك المجال مفتوحاً أمام الفكر الإنساني لفهمها وهضمها ولاستنباط الأحكام منها وفقاً للمستجدات والمتغيرات التي تواكب حركة التطور الإنساني.

وفي الأساس أيضاً لا تكون الوحدة إلا مع الآخر، والآخر لا يكون إلا مختلفاً، وإلا فإنه لا يكون آخر. هذا يعني أن المحافظة على الوحدة تتطلب المحافظة على الآخر. وأن استمرارها هو استمرار له. وهو يعني بدوره أن الوحدة يجب ألا تؤدي بل يجب ألا تعني أساساً محاولة إلغاء الآخر أو تذويبه، وإلا تصبح وحدة مع الذات. فما من وحدة قامت واستمرت وازدهرت إلا وفيها ثناء للآخر. وما من وحدة تهاوت وتفتتت إلا نتيجة امتهان حق الآخر المكون لها في أن يكون نفسه، أي أن يكون آخر.

يتحدث فرويد عن نرجسية الاختلاف، ويقول إنه مهما كان الاختلاف محدوداً فإنه يحتل موقع القلب في هوية كل منا. ولا يتناقض الاختلاف مع الوحدة الإنسانية، فالعلاقة التكاملية بين الوحدة والاختلاف تبرز من خلال المبادئ التالية التي قال بها القرآن الكريم.

المبدأ الأول هو التداول : { وتلك الأيام نداولها بين الناس }(11). إذ لو كان الناس كلهم شعباً واحداً أو إثنية واحدة أو على عقيدة واحدة وفكر واحد، لما كانت هناك حاجة للتداول. ولأنهم مختلفون، ولأن الإرادة الإلهية شاءت أن يكونوا مختلفين، كان لابد من التداول. والتداول يعني تواصل الإنسانية واستمرارها بما هو مناقض لمقولة نهاية التاريخ. فالتداول حياة، والنهاية موات.

المبدأ الثاني هو التدافع : { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض }(12). فالتدافع ــ وليس التحارب ولا التصادم ــ هو تنافس ارتقائي وتطويري للمجتمعات الإنسانية المختلفة، ذلك أن المجتمعات كالمياه، إذا ركدت أسنت، وإذا تحركت وتدافعت أمواجها، تعانقت مع حركة الضوء والريح مما يوفر لها عناصر الحياة والانتعاش والنمو والتقدم. فمن دون الاحتكاك الفكري والتلاقح الثقافي والتدافع الحضاري بين الناس المختلفين والمتنوعي الثقافات، يفقد الذهن عطشه إلى المعرفة التي هي عود الثقاب الذي يلهبه. إن الاختلاف بين الناس وما يشكل الاختلاف من تدافع هو أحد أهم مستلزمات عدم فساد الأرض.

المـبدأ الثـالث هـو التـغايـر : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم }(13).

{ ولكل أمة رسول }(14).

{ كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم }(15).

فالتغاير والاختلاف هو القاعدة، وهي قاعدة عصية على التجاوز تشكل الثابت الدائم في المجتمعات الإنسانية منذ بدأ الخلق وحتى نهاية الزمن.

ولذلك أرسى الله قاعدة التعارف المكملة لقاعدة الاختلاف والتغاير. والقاعدتان معاً تشكلان الأساس الذي تقوم عليه الأخوة الإنسانية التي لا سلام ولا استقرار من دونها.

لقد قال الإسلام بالتعارف بين الجماعات البشرية ولم يقل بالتسامح. كان نيتشه على حق عندما اعتبر >التسامح إهانة للآخر< لما يتضمنه من فوقية المتسامح تجاه المتسامَح معه.

إن علاقة الإسلام بالرسالات السماوية التوحيدية ليست علاقة تسامحية ولكنها علاقة إيمانية. ذلك أن إيمان المسلم لا يكتمل إلا بالإيمان بالمسيحية وباليـهودية رسالتين مـنزلتين من عـند اللـه. ففـي القـرآن الكـريم نـص واضح بذلك { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون }(16).

وشتان بين العلاقة القائمة على الإيمان، وتلك القائمة على التسامح. فالعلاقة الأولى ندية تقوم على الاعتراف بالحق واحترام الاختلاف، بينما الثانية فوقية تقوم على إنكار الحق والاستعلاء على المختلف معه.

الآية الثانية التي أقتطفها من القرآن الكريم تخص أهل الكتاب من مسيحيين ويهود. وتقول الآية : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله }(17).

فالدعوة إلى كلمة سواء هي في الأساس دعوة إلى البحث عن جوامع مشتركة تقوم عليها العلاقات بين المؤمنين بإله واحد وإن تعددت وسائل تعبيراتهم عن هذا الإيمان وممارساتهم له. أما الآية الثالثة فهي الدعوة إلى معالجة الاختلافات والتباينات بالتي هي أحسن. وتقول الآية الكريمة : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم }(18). والدعوة إلى التعامل حتى مع العدو بالتي هي أحسن تناقض اللجوء إلى العنف والإرهاب وترفض الإلغائية وتنكر التكفير. فالدعوة الإلهية إلى الدفع بالتي هي أحسن ليست مقتصرة على العلاقات بين المسلمين خاصة أو المؤمنين عامة، بل إنها تتسع لتشمل العلاقات بين الناس جميعاً.

إن من شأن التعصب للدين أو المذهب أو للجماعة أن يقيم جزراً من التنوع المتباعدة والجاهلة للآخر، وبالتالي المتشككة فيه والمستنفرة دائماً لمواجهته وهذا تنوع خارج إطار الوحدة، بل رافض لها. أما التعارف فإنه على العكس من ذلك يقيم وحدة في إطار التنوع تتعرف على الآخر وتعترف به، وتبادله الاحترام والثقة والمحبة، وهذه وحدة في إطار التنوع.

في العلاقات الإنسانية سلبيتان لا تصنعان إيجابية : >وحدة تعسفية مفروضة بالقوة تطمس التنوع (كما كان الأمر في الاتحاد السوفياتي السابق). وتعددية مطلقة ومنفلتة تدير ظهرها للآخر المختلف وتأبى الوحدة مع الآخر أو حتى التآلف معه والاعتراف به< (كما هو الأمر اليوم في البلقان وفي مناطق أخرى من العالم). إن الدعوة إلى التعارف الذي يقوم على المعرفة، هو أحد أسمى دعوات الله للإنسان، والأساس الذي تقوم عليه أخوة إنسانية تعتني بالاختلاف وتحترمه وتجعل منه قاعدة للتحالف والتوافق والمحبة.

ـــــــــــــــ

(*) الأمين العام للجنة الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار، لبنان. تم توزيع البحث على المشاركين.