بحث يبين كيف يعترف المتمسلمون بالوحدة الانسانيةكأساس للدين وهم ابعد ما يكون عن تطبيقها بل يقدسون الوطن والوطنية واسالهم اين المساواة والعدل فى الاستفادة من ثروات الارض الطبيعية التى جعلها الله فى الارض سواء للسائلين-هل يستفيد الصومالى مثل السعودى من ثروات البترول -اين حرية السعى فى ارض الله مع نظام الكفيل وتأشيرات الدخول والخروج والاقامات ..الخ من هذه العوائق من اختراع طاغوت العصر الحديث "الدولة الوطنية" ما موقفكم من الحدود الجغرافية المزعومة بين ما يسمى الدول هل انزلها الله فى كتبه المقدسه ومن يدعى ذلك فاليدلنى عليه
انتم تؤمنون بالوحدة الانسانية كلاما وشعارا ليس الا بدليل عدم الدعوة بان عدم تطبيقها يخرج الانسان فورا من الدين مهما ادعى ذلك بل يخرجه من انسانيته الى شئ اخر "اى كائن غير بشرى ينتمى الى قبيلة الحيوانات التى تعيش بشريعة الغاب التى هى اهون فى نظرى من الشرائع والقوانين بين ما يسمى الدول الوطنية واليكم البحث
الحضارات والثقافات الإنسانية : من الحوار إلى التحالف
وقائع الندوة الدولية التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ــ إيسيسكو ــ
بالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في الجمهورية التونسية
تونس 30/1 ـــ 1/2/2006م
الفهرس
الحوار بين الأديان والتعاون بين الشعوب
الأستاذ محمد السماك(*)
يقول الإسلام بوحدة الإنسانية وبتنوعها، ويرسي أسساً ومبادئ لاحترام التنوّع والتعدد الإثني والثقافي والديني بحيث تشكل هذه الأسس والمبادئ جوهر العقيدة الإسلامية، لا يكتمل إيمان المسلم بل لا يكون أساساً من دونها.
وفي القرآن الكريم عدد كبير من الآيات الكريمة التي تؤكد ذلك. فالله سبحانه وتعالى كرم بني آدم، أي أن الكرامة الإلهية للإنسان تشمل الناس جميعاً وليست وقفاً على مؤمن دون آخر، أو على المؤمنين دون سواهم.
ثم إن الله سبحانه استخلف الإنسان في الأرض ولم يستخلف أمة دون أخرى.
والله سبحانه خلق الناس جميعاً من نفس واحدة تأكيداً للمساواة بينهم ثم جعلهم أمماً وشعوباً متعددة الألسن، مختلفة الألوان والأجناس، متنوعة الشرائع، ولو شاء غير ذلك فإنما يقول له كن فيكون.
تفصيلاً لهذه القواعد الكلية، سوف أقتطف ثلاث آيات كريمة من بين العشرات من القرآن الكريم.
تقول الآية الأولى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم }(1).
تكشف هذه الآية الكريمة عن ثلاث قواعد :
القاعدة الأولى هي الوحدة الإنسانية بمعنى أن الناس جميعاً يشكلون أمة واحدة خلقهم الله من نفس واحدة. ولقد قال القرآن الكريم : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى }.
القاعدة الثانية هي التنوع الإنساني حيث تتابع الآية الكريمة { وجعلناكم شعوباً وقبائل }. أي أن هذا التنوع جُعل بإرادة إلهية، وأن وجوده هو تجسيد لهذه الإرادة الإلهية وتعبير عنها.
القاعدة الثالثة هي أن الهدف من هذا التنوع هو التعارف بين الناس تحقيقاً لوحدة تحفظ التنوع وتحترمه وتصونه، حيث تكتمل الآية القرآنية بتحديد الحكمة من التنوع بقولها { لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم }.
فالتعارف هو الجسر الذي يربط بين الجماعات المتنوعة والمختلفة ولكن لا تعارف من دون معرفة. ذلك أن التعارف يقوم أساساً على المعرفة. ويفترض في الآخر أن يكون مختلفاً حتى نتعرف إليه. ويفترض أن نكون نحن مختلفين عنه حتى يتعرف إلينا. ومن دون هذا الاختلاف ما كانت هناك حاجة للمعرفة وما كان للتعارف أساساً أن يكون. من هنا فإن الدعوة القرآنية للناس ليتعارفوا هي في حد ذاتها دعوة لهم للتعرف على ما بينهم من اختلافات وللاعتراف بهذه الاختلافات، ولإدراك حتمية استمرارها، ولبناء مجتمع إنساني واحد ومتناغم على قاعدة معرفة المختلفين وتعارفهم.
كثيرة هي الإشارات إلى الاختلاف والتنوع التي وردت في القرآن الكريم أذكر منها :
{ وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا }(2).
{ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين }(3).
{ ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير }(4).
لقد شاءت الحكمة الإلهية أن يكون الناس رغم وحدة الخالق، ووحدة الخلق أمماً وشعوباً مختلفة، فالوحدة الإنسانية تقوم على الاختلاف والتنوع وليس على التماثل والتطابق، ذلك أن الاختلاف آية من آيات عظمة الله ومظهر من مظاهر روعة إبداعه في الخلق.
يقول القرآن الكريم : { ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين }(5). وبالتالي فإن الاختلاف العرقي لا يشكل قاعدة لأفضلية ولا لدونية، فهو اختلاف في إطار الأسرة الإنسانية الواحدة، يحتم احترام الآخر كما هو وعلى الصورة التي خلقه الله عليها.
إذا كان احترام الآخر كما هو لوناً ولساناً (أي إثنياً وثقافياً) يشكل قاعدة ثابتة من قواعد السلوك الديني في الإسلام، فإن احترامه كما هو عقيدة وإيماناً هو إقرار بمبدأ تعدد الشرائع السماوية واحترام لمبدأ حرية الاختيار والتزام بقاعدة عدم الإكراه في الدين.
فالقرآن الكريم يقول : { لكل وجهة هو موليها }(6). وفي إشارة واضحة إلى تعدد التوجهات يقول أيضاً : { وما بعضهم بتابع قبلة بعض }(7).
{ لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم }(8).
{ كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون }(9).
معنى ذلك أنه مع اختلاف الألسن والألوان، كان من طبيعة رحمة الله اختلاف الشرائع والمناهج، وهو ما أكدّه القرآن الكريم بقوله : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء اللّه لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم، فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون }(10).
فالاختلاف الثقافي والعرقي والديني والمذهبي باق حتى قيام الساعة، والحكم فيه يومئذ لله والتعامل مع بقائه لا يكون بإلغائه ولا بتجاهله بل بالتعرف إليه وتقبله واحترامه كسنة دائمة من سنن الكون.
في الأساس الحق واحد كما يقول أبو الوليد الباجي في كتاب أحكام الفصول في أحكام الأصول >وإن من حكم بغيره فقد حكم بغير الحق، ولكننا لم نكلف إصابته، وإنما كلفنا الاجتهاد في طلبه، فمن لم يجتهد في طلبه فقد أثم، ومن اجتهد فأصابه فقد أجر أجرين أجر الاجتهاد وأجر الإصابة للحق، ومن اجتهد فأخطأ فقد أجر أجراً واحداً لاجتهاده ولم يأثم لخطئه<.
هذا يعني أن الاجتهاد كعمل فكري إنساني مفتوح على الصواب والخطأ، وبالتالي فإنه ليس مقدساً، وإنه ليس لأحد حق احتكار الصواب بالمطلق. فمن أبرز صفات السماحة الإسلامية أن المفكر أو المجتهد المخطئ لا يؤثم على خطئه، بل يؤجر على اجتهاده حتى إذا أصاب يؤجر ثانية لإصابته الحق. من هنا قول أبي حنيفة : >رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب<. إن الاعتقاد بأن جماعة ما هي وحدها التي تفهم النص الديني فهماً صحيحاً، وبالتالي فإن هذه الجماعة هي وحدها المؤتمنة على الدين، وأن كل من هو خارج الالتزام بمفهومها هو خارج على الدين، هذا الاعتقاد يتناقض في الجوهر وفي الأساس مع الدين كمعطى إلهي، ويتناقض مع الموروث الفكري الديني كمعطى ثقافي واجتهادي والذي يشكل ثروة فكرية لسلسلة غنية من التجارب الإنسانية في الفهم الإنساني للنص الإلهي المقدس. يرسي الإسلام قواعد لعلاقة الإنسان بنفسه، ولعلاقته بأخيه الإنسان >سواء كان مؤمناً أو غير مؤمن< ولعلاقته بمجتمعه ولعلاقته بربه. هذه القواعد الكلية تشمل قضايا وأموراً حياتية تتغير بتغير الأزمان والمجتمعات، ولذلك فإن الحكمة الإلهية قضت بصياغة النصوص الدينية بحيث تترك المجال مفتوحاً أمام الفكر الإنساني لفهمها وهضمها ولاستنباط الأحكام منها وفقاً للمستجدات والمتغيرات التي تواكب حركة التطور الإنساني.
وفي الأساس أيضاً لا تكون الوحدة إلا مع الآخر، والآخر لا يكون إلا مختلفاً، وإلا فإنه لا يكون آخر. هذا يعني أن المحافظة على الوحدة تتطلب المحافظة على الآخر. وأن استمرارها هو استمرار له. وهو يعني بدوره أن الوحدة يجب ألا تؤدي بل يجب ألا تعني أساساً محاولة إلغاء الآخر أو تذويبه، وإلا تصبح وحدة مع الذات. فما من وحدة قامت واستمرت وازدهرت إلا وفيها ثناء للآخر. وما من وحدة تهاوت وتفتتت إلا نتيجة امتهان حق الآخر المكون لها في أن يكون نفسه، أي أن يكون آخر.
يتحدث فرويد عن نرجسية الاختلاف، ويقول إنه مهما كان الاختلاف محدوداً فإنه يحتل موقع القلب في هوية كل منا. ولا يتناقض الاختلاف مع الوحدة الإنسانية، فالعلاقة التكاملية بين الوحدة والاختلاف تبرز من خلال المبادئ التالية التي قال بها القرآن الكريم.
المبدأ الأول هو التداول : { وتلك الأيام نداولها بين الناس }(11). إذ لو كان الناس كلهم شعباً واحداً أو إثنية واحدة أو على عقيدة واحدة وفكر واحد، لما كانت هناك حاجة للتداول. ولأنهم مختلفون، ولأن الإرادة الإلهية شاءت أن يكونوا مختلفين، كان لابد من التداول. والتداول يعني تواصل الإنسانية واستمرارها بما هو مناقض لمقولة نهاية التاريخ. فالتداول حياة، والنهاية موات.
المبدأ الثاني هو التدافع : { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض }(12). فالتدافع ــ وليس التحارب ولا التصادم ــ هو تنافس ارتقائي وتطويري للمجتمعات الإنسانية المختلفة، ذلك أن المجتمعات كالمياه، إذا ركدت أسنت، وإذا تحركت وتدافعت أمواجها، تعانقت مع حركة الضوء والريح مما يوفر لها عناصر الحياة والانتعاش والنمو والتقدم. فمن دون الاحتكاك الفكري والتلاقح الثقافي والتدافع الحضاري بين الناس المختلفين والمتنوعي الثقافات، يفقد الذهن عطشه إلى المعرفة التي هي عود الثقاب الذي يلهبه. إن الاختلاف بين الناس وما يشكل الاختلاف من تدافع هو أحد أهم مستلزمات عدم فساد الأرض.
المـبدأ الثـالث هـو التـغايـر : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم }(13).
{ ولكل أمة رسول }(14).
{ كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم }(15).
فالتغاير والاختلاف هو القاعدة، وهي قاعدة عصية على التجاوز تشكل الثابت الدائم في المجتمعات الإنسانية منذ بدأ الخلق وحتى نهاية الزمن.
ولذلك أرسى الله قاعدة التعارف المكملة لقاعدة الاختلاف والتغاير. والقاعدتان معاً تشكلان الأساس الذي تقوم عليه الأخوة الإنسانية التي لا سلام ولا استقرار من دونها.
لقد قال الإسلام بالتعارف بين الجماعات البشرية ولم يقل بالتسامح. كان نيتشه على حق عندما اعتبر >التسامح إهانة للآخر< لما يتضمنه من فوقية المتسامح تجاه المتسامَح معه.
إن علاقة الإسلام بالرسالات السماوية التوحيدية ليست علاقة تسامحية ولكنها علاقة إيمانية. ذلك أن إيمان المسلم لا يكتمل إلا بالإيمان بالمسيحية وباليـهودية رسالتين مـنزلتين من عـند اللـه. ففـي القـرآن الكـريم نـص واضح بذلك { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون }(16).
وشتان بين العلاقة القائمة على الإيمان، وتلك القائمة على التسامح. فالعلاقة الأولى ندية تقوم على الاعتراف بالحق واحترام الاختلاف، بينما الثانية فوقية تقوم على إنكار الحق والاستعلاء على المختلف معه.
الآية الثانية التي أقتطفها من القرآن الكريم تخص أهل الكتاب من مسيحيين ويهود. وتقول الآية : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله }(17).
فالدعوة إلى كلمة سواء هي في الأساس دعوة إلى البحث عن جوامع مشتركة تقوم عليها العلاقات بين المؤمنين بإله واحد وإن تعددت وسائل تعبيراتهم عن هذا الإيمان وممارساتهم له. أما الآية الثالثة فهي الدعوة إلى معالجة الاختلافات والتباينات بالتي هي أحسن. وتقول الآية الكريمة : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم }(18). والدعوة إلى التعامل حتى مع العدو بالتي هي أحسن تناقض اللجوء إلى العنف والإرهاب وترفض الإلغائية وتنكر التكفير. فالدعوة الإلهية إلى الدفع بالتي هي أحسن ليست مقتصرة على العلاقات بين المسلمين خاصة أو المؤمنين عامة، بل إنها تتسع لتشمل العلاقات بين الناس جميعاً.
إن من شأن التعصب للدين أو المذهب أو للجماعة أن يقيم جزراً من التنوع المتباعدة والجاهلة للآخر، وبالتالي المتشككة فيه والمستنفرة دائماً لمواجهته وهذا تنوع خارج إطار الوحدة، بل رافض لها. أما التعارف فإنه على العكس من ذلك يقيم وحدة في إطار التنوع تتعرف على الآخر وتعترف به، وتبادله الاحترام والثقة والمحبة، وهذه وحدة في إطار التنوع.
في العلاقات الإنسانية سلبيتان لا تصنعان إيجابية : >وحدة تعسفية مفروضة بالقوة تطمس التنوع (كما كان الأمر في الاتحاد السوفياتي السابق). وتعددية مطلقة ومنفلتة تدير ظهرها للآخر المختلف وتأبى الوحدة مع الآخر أو حتى التآلف معه والاعتراف به< (كما هو الأمر اليوم في البلقان وفي مناطق أخرى من العالم). إن الدعوة إلى التعارف الذي يقوم على المعرفة، هو أحد أسمى دعوات الله للإنسان، والأساس الذي تقوم عليه أخوة إنسانية تعتني بالاختلاف وتحترمه وتجعل منه قاعدة للتحالف والتوافق والمحبة.
ـــــــــــــــ
(*) الأمين العام للجنة الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار، لبنان. تم توزيع البحث على المشاركين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق