الهوية والانتماءغريزة انسانية فقط ام حيوانية بصفة عامة؟
من الطبيعى انه عندما يولد الانسان او الحيوان بصفة عامة بنتمى الى كل من ابويه وخاصة الام التى تقوم بارضاعه ورعايته الى ان يكبر ويشب ويعتمد على نفسه وفى اثناء هذه الفترة يتسع محيط انتمائه ليشمل الاسرة والقبيلة والطائفة.... الخ وصولا الى الانتماء الانسانى ويكتسب هويته من الاب والام والاسرة والقبيلة والطائفة والوطن ...الخ الا ان هذه الهوية والتى تشمل اللغة والعادات والتقاليد والثقافة بصفة عامة يكتسبها الانسان من المحيط الذى يعيش فيه فعادات وتقاليد الصعيد تختلف عن اهل الشمال البحرى وسكان السواحل يختلفون عن اهل المدن والمحافظات الداخلية والبدوية كمحافظات سيناء ...وهكذا وكذلك يحدث فى الحيوانات ايضا حيث يكتسب الحيوان مهاراته وعاداته من الاب والام والقطيع الذى ينتمى اليه ويعيش فيه وهذه هى ثقافة القطيع التى يشترك فيها الانسان والحيوان على السواء ولكن الانسان لكى يتميز عن الحيوان ويخرج من دائرة الحيوانية لابد ان يطور هذه الثقافة...كيف؟
ان الانتماء لبقعة من الارض التى تسمى وطنا وحبنا لها ليس معناه احتكارها ومنع الاخرين من العيش فيها والانتماء لها فالحيوانات هى التى تفعل ذلك والتجربة خير دليل على ذلك فعندما تربى قطيع من الدجاج فى مزرعة ما ثم تاتى ببعض الدجاج من مزرعة اخرى لتضعه مع القطيع الاصلى تجد انه لا يتقبلها ويقوم بضربها والاعتداء عليها وخاصة عند تقديم الغذاء لها مما يؤدى الى انطواءها فى ركن من اركان الحظيرة ويستمر الوضع على ذلك الى ان يتم التطبع بنهما رويدا بحكم الزمن والنسيان
لا بأس بحب الوطن والحنين اليه ولكن حذار من الرابطة الوطنية التى تنخفض بالانسان عن الرقى لتجعله فى مقام الحيوانات التى لها وطن وتحن اليه وتهاجر وتعود اليه فهناك حيوانات لاتعيش الا فى المناطق القطبية كالدب القطبى وحيوانات لاتعيش الا فى المناطق الحارة كالفيلة والاكثرية تعيش فى المناطق المعتدلة ..وهكذا
ولكن الانسان هو الكائن الحى الوحيد الذى يستطيع العيش فى اى مكان بالارض بما يخترعه من طرق المعيشة والاقامة كالمساكن المكيفة والملابس الشتوية وصولا الى كل الاشياء التكنولوجية الحديثة التى لا تمكنه من االعيش فقط فى اىمكان فى الارض بل فى الفضاء الخارجى
---- هل الانتماء والهوية شئ جينى وراثى :
ان الانتماء والهوية شئ مكتسب من العيش فى مكان ما وفى زمن ما ولادخل بالوراثة ولا بالجينات فى ذلك بدليل انك لو اخذت مثل طفلا عربيا منذ ولادته مباشرة والحقته باسرة انجليزية او امريكية او ايرانية... سينشأ هذا الطفل انجليزى الهوية والثقافة ومنتميا اليها او امريكيا او ايرانيا على الترتيب حسب الاسرة التى سوف يتربى معها , واتحدى اى شخص ان يحدد لى هوية اى شخص بمجرد النظر اليه او حتى تحليل دمه جينيا لانه ليس هناك جينات تفرق الانسان المصرى عن الامريكى عن السعودى ...الخ
لقد عشت زمنا طويلا بالسعودية وكان اكثر من يرانى يظن اننى باكستانى اوهندى لاول وهلة ولا يعرف اننى عربيا اومصريا الابعد التحدث معى ويتكرر ذلك الموقف كثيرا مع اخرين ومع اى جنسية
هكذا نجد ان الانتماء والهوية ليس شئ ثابت بل متغير حسب ظروف مكان الاقامة والعمل فكم من الاسر الانجليزية لو تتبعت اصولها يمكن ان تجدها هندية اوعربية وكذلك كثير من الاسر السعودية تجد جذورها مصري او عراقية او كويتية ...الخ وهكذا فى كل بلدان العالم وبالتالى هما " الهوية والانتماء " ليس شئ ثابت مقدس
---هل هناك هوية وانتماء لا يقبلان التغيير ولم ؟:
الهوية والانتماء الحقيقى الغير متغير هو الهوية الانسانية والانتماء الانسانى فالانسان لا يتميز عن الحيوان الابشئ واحد توصلت اليه بعد البحث المضنى فى مراجع كثيرة على النت وهوان الانسان هو الكائن الوحيد الذى يستطيع التواصل مع الاخر عن بعد فالحيوانات تتواصل مع بعضها فى المحيط المرئى الذى تعيش فيه ولكن لا يمكنها ان تتواصل مع الحيوانات الاخرى البعيدة عنها ولا تتبع اخبارها واحوالها بصورة مباشرة اوغير مباشرة فلا يمكن مثلا ان تستمع لاخبار الحيوانات البعيدة عنها فى نشرة اخبار مثلا او بالرواية والحديث المباشر ...ولكن ذلك التواصل والتفاعل بالاخر البعيد هو سمة الانسان الذى تميزه عن الحيوانات وخاصة بعد الاختراعات التكنولوجية الحديثة
فكما ان الانسان داخل ما يسمى الدولة الوطنية اذا اقتصرت اهتماماته على خدمة قبيلته او طائفته فقط وتحقيق مصلحتهم فقط دون الاخذ فى الاعتبار مصلحة الاخرين داخل الدولة لايعتبر مواطن او لا يصلح ان يكون مواطنا لهذه الدولة ولا منتميا لها ولا يحمل هويتها بل يكون عنصريا طائفيا ..الخ من هذه الاوصاف المذمومة التى تطلقها عليه الدولة
من هنا وبالمثل يكون الانسان الذى يهتم بخدمة ما يسمى دولته فقط وتحقيق مصالحها دون الاخرين فى هذا العالم حتى لو عانوا الفقر والجوع لا ينتمى للانسانية بشئ بل بنتمى مع الاسف الى مجتمعات الحيوانات التى تهتم بنفسها فقط ولو ماتت الحيوانات الاخرى عن بكرة ابيها المهم ان تعيش هى وتبقى هى بقانون الغابة -- البقاء للاقوى--
فكما ان الانتماء الاسرى والقبلى والطائفى لا يجب ان يفصلك عن انتماءك الوطنى كذلك يجب ان لا يفصلك انتمائك الوطنى عن انتمائك الانسانى
ولكن كيف نطبق ذلك عمليا ؟:
كيف ان النتماء الاسرى والقبلى والطائفى لا يفصلنى عن الانتماء والهوية الوطنية ذلك لا يتحقق الا باشياء اساسية هى :
1- ان افراد القبيلة او الطائفة لا يحملون جوازات سفر يتحركون بها بين اقليمهم واقاليم الدولة الوطنية الاخرى ولا يطلبون من الاخرين حمل جوازات سفر عند دخول اقليمهم وبالتالى لا توجد تأشيرات دخول وخروج بين اقاليم الوطن وهذا ما يجب ان يطبق بين وطنك وباقى الاوطان والا تحولنا الى قطعان من الحيوانات داخل حظائرها المسماه دولة وطنية وكما يحدث للحيوان لا يخرج ولا يخل من والى الحظيرة الا باذن صاحبه كذلك يحدث لنا
2- ليس هناك حدود جغرافية من الاسلاك الشائكة والاسوار وخلافه بين اقليم اى طائفة واقاليم الطوائف الاخرى بل حدود ادارية فقط على الخرائط للمساعدة فى ادارة هذه القاليم كذلك يجب ان تكون الحدود بين الاوطان ادارية فقط ولكن لايمنع ذلك من التفتيش الامنى منعا للارهاب اللعين والتى اظن انه لن يكون له وجود عند تطبيق هذه القيم السامية والتى تحقق الحرية والمساواة والعدل بين البشر
3- لا توجد قيود على تحرك افراد اى طائفة او قبيلة داخل الدولة ولا قيود على الاقامة والعمل فى اىمكان داخلها مما يحدث بين الدول بما يسمى اقامات وكفيل وكروت اقامة وتصريح عمل ...الخ وهذا ما يجب ان يطبق بين الدول الوطنية بالغاء هذه القيود الشيطانية كلها
4- لا يوجد احتكار للثروات الطبيعية داخل اى اقليم لصالح طائفة معينة بل الثروات للجميع داخل الوطن وهذا ما يجب ان يكون بين الدول --لا احتكار للثروات الطبيعية لصالح شعب معين بل الثروات لصالح البشرية جمعاء بالتساوى وكذلك كما انه لا توجد جمارك عند انتقال السلع بين اقاليم الدولة كذلك يجب عدم وجود جمارك على انتقال السلع بين الدول
5- تحويل ما يسمى الجنسية والتى تحمل اسم الدولة والتى فرضت عليه عند ولادته دون اختياره الى مايشبه محل الاقامة داخل الدولة يستطيع الانسان تغييره حسب المكان الذى يعيش فيه باختياره
هذه هى الاشياء التى يتحقق بها الانتماء الانسانى ولا يخرج الانسان من دائرة الحيوانية ويكون انساناالا بالايمان بها والدعوة اليها والعمل على تطبيقها هذا فى اعتقادى الشخصى
لقد قمت بالبحث طويلا لاجد ادلة على مشروعية الانتماء الوطنى فى كل الاديان تقريبا ولم اجد الا ادلة على الوحدة الانسانية والبشرية ونبذ التفرقة بين البشر على اساس عرقى اوطائفى او وطنى ...الخ وهذه الوحدة القائمة على اساس من الحرية الكاملة لجميع البشر والمساواة والعدل التام بينهم هى اساس التوحيد لله للذين يؤمنون به واساس الحقوق الانسانية لكل البشر وهذا الذى يجب ان نربى ابناءنا عليه منذ الصغر لا ان نغرس فيهم القبلية والعنصرية والطائفية والوطنية ...الخ من القيم الحيوانية التى بسببها قامت وستقوم الحروب والدمار والكوارث البشرية من الم وفقر وجوع....الخ وننسى القيم الانسانية التى تساوى بين البشر جميعا مما يؤدى الى نبذ العنف والتعصب والكراهية ...الخ من هذه الغرائز الحيوانية و ترسيخ قيم الحب والحرية والمساواة والعدل والتسامح مع الاخر التى تشعرنا بانسانيتنا وبانتمائنا وهويتنا الحقيقية
والان هل مازلت متمسكا بهذه الهويات الانتماءات الوهمية الحيوانية ام سيكون انتمائك وهويتك هما الهوية الانسانية وانتماءك هو الانتماء الانسانى وهما الهوية والانتماء الحقيقى لكل انسان .........
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق